الحازمي: ماضون نحو فعل ثقافي وطني خلاّق تصنعه مبادرات الشباب وإرادتهم وإدارتهم ">
الجزيرة - علي محسن مجرشي:
أكد وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشئون الثقافية والمشرف العام على معرض الرياض الدولي للكتاب الأستاذ سعود بن نصار الحازمي سير فعاليات المعرض على أكمل وجه في ضوء الخطط التي تعمل وفقها إدارة المعرض ولجانه بالاستناد إلى توجيهات معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي.. مبيناً أن زوار معرض الرياض الدولي للكتاب يحظون بتجربة ثقافية مميزة على مدى 10 أيام متواصلة استهلت الأربعاء المنصرم وتستمر إلى السبت المقبل.
وتناول الحازمي في حوار شامل لـ(الجزيرة) العديد من الخدمات المقدمة من فعاليات ومعارض ثقافية وفنية وإضافات شملت جل متعلقات المعرض.. كما أشار الحازمي إلى أن معرض جدة للكتاب ليس منافساً لمعرض الرياض الدولي للكتاب وإنما شريك نحو صناعة فعل ثقافي وطني معرفي كبير .. فإلى نص الحوار:
* بداية، حدثنا عن الجديد معرض الرياض الدولي للكتاب لعام 2016؟
- درج معرض الرياض الدولي للكتاب الذي يحظى برعاية كريمة من مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- على اختيار شعار له في كل دورة، ويأتي المعرض بحلته الجديدة هذا العام تحت شعار (الكتاب ذاكرة لا تشيخ)، لأهمية الكتاب كذاكرة للأمة والإنسانية، وما تشير إليه هذه العبارة من قدرة الكتاب على مد جسور التواصل المعرفي بين الأمم والشعوب والأجيال.
وكما وعدنا زوار المعرض هذا العام بتجربة ثقافية مميزة على مدى 10 أيام متواصلة، إذ استحدثت إدارة المعرض- والتي يديرها شباب- خدماتٍ لمرتاديه ودور النشر تقدم للمرة الأولى، كما ظهر المعرض بهوية جديدة تأخذ مساراً مغايراً إذ تركزت الهوية على ثقافة المكان، وجاء وسط الرياض التاريخي هوية لذاكرة المكان الثقافية في معرض 2016م، معبراً عنها بمسميات الممرات والبوابات والمداخل الرئيسية والتصاميم ومنصات التوقيع.
كما حمل معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام في طياته العديد من الفعاليات التي أثرت حصيلة زواره المعرفية والثقافية، حيث تضمن برنامجاً ثقافياً هو الأعلى بين برامج الفعاليات الثقافية في الأعوام السابقة، وورش عمل منوعة، ودورات تدريبية متخصصة، وفعاليات للأسرة، وجناحاً خاصاً بالطفل تعقد به العديد من الندوات والفعاليات المقدمة للطفل والأم والأسرة.. أضف إلى ما سبق، إقامة معرضين فنيين يتناولان عاصفة الحزم، أحدهما معرض للفن التشكيلي تحت عنوان (ريشة الحزم)، والآخر معرض للصور الفوتوغرافية تحت عنوان (عدسة الحزم)، وكذلك معرض يتضمن صوراً تاريخية لمدينة الرياض، تحت عنوان (ذاكرة الرياض).. وقد حظيت هذه المعارض كما رأينا في الأيام الماضية من عمر المعرض إقبالاً واسعاً من الزوار ووثقوا عبر كاميرات هواتفهم النقالة تلك اللحظات الثمينة التي تعبر عن وجدانهم الوطني العميق.
أما بالنسبة للتطوير الذي طال التنظيم، فشمل عدة جوانب على سبيل المثال وليس الحصر قامت إدارة المعرض بزيادة عدد موظفي الاستعلامات الذي يقدمون يد المساعدة لكافة الزوار ودور النشر، كما أضفنا مزيداً من الأجهزة الإلكترونية التي تعمل بطريقة الخدمة الذاتية، بهدف مساعدة الزوار في البحث عن دور النشر وأسماء الكتب ومؤلفيها، فضلاً عن تثبيت شاشات عرض كبيرة تبث أحداثاً ولقطات منوعة من المعرض. كما تم استحداث نقاط بكل دار وتطبيق الباركود على سبيل التجربة في 60 % من الدور المشاركة في المعرض تمهيداً لتطبيقه العام القادم بشكل متكامل.
* تزامن المعرض مع إجازة الربيع، هل تعتقدون أن ذلك في ميزان المعرض أم ضده؟
- بكل تأكيد فإن تزامن إقامة المعرض مع إجازة الربيع يأتي في صالح المعرض، ليتسنى لجميع الزوار من مختلف مناطق المملكة زيارة المعرض، والاستمتاع بالفعاليات المصاحبة له، بخلاف النسخ السابقة؛ حينما كان يتزامن إقامة المعرض في أوقات قد لا تناسب أوقات بعض الأسرة، خصوصاً من يرتبط منهم بعمله أو المدرسة، وفي اعتقادي أن توافق موعد انطلاق المعرض مع إجازة الربيع فرصة للجميع.. والدليل على هذا عدد الزوار الذي قارب نحو 300 ألف زائر وزائرة من مختلف الشرائح والفئات العمرية.. فطموحنا هذا العام سقفه عالي جدا لتطوير المعرض من جميع الجوانب توفقنا في بعضها والبعض الآخر أجل للعام القادم لظروف الوقت في هذا العام.
* ماذا عن إدارة الحشود التي استحدثتموها هذا العام ومدى نجاح الفرق التطويعة التي تساهم في أداء أعمال المعرض؟
- بدأنا العمل منذ أن تشرفت بالإشراف على المعرض استحداث خطة خاصة بإدارة الحشود واستعنا بشركة متخصصة في هذا المجال وبدأنا الاجتماعات الخاصة بتحقيق هذه الغاية.. وانتهينا إلى جملة من الخطوات المتعلقة بإدارة الحشود من بينها توفير أكثر من 3500 موقف للسيارات يتم النقل منها وإلى المعرض والعكس أيضاً عبر حافلات نقل ترددي يصل عددها إلى 50 حافلة بسعات متفاوتة.. تسير وفق ثلاثة خطوط سير ثابتة يتصل كل خط سير منها بجهة واحدة من جهات التي تقع بها المواقف وهي في ثلاث جهات.. وقد أثبتت هذه الخطة نجاحها خلال الأيام المنصرمة -ولله الحمد- في تخفيف الاكتضاض الذي كان يشكل هاجساً مزعجاً للزائر والمستفيد وسكان الأحياء المجاورة للمعرض وبالتالي عبئاً ثقيلاً على الوزارة وإدارة المعرض ولجانه العاملة.
أما ما يتعلق بالمتطوعين فقد أقرت الوزارة فتح المجال لهم إسهاماً في دعم الشباب السعودي وتمكيناً لرؤاهم نحو تطوير قدراتهم وتقديم ذواتهم وصقل تجاربهم.. وهذا ما تم بفضل الله حيث يعمل ما يفوق 300 متطوع ومتطوعة بهمة عالية وبشاشة صادقة وإخلاص عميق ومحبة كبيرة للوطن وخدمة الوطن وثقافة الوطن.. وهذا ما لمسه زوار معرض الرياض الدولي للكتاب.
* حدثنا عن البُعد الدولي للمعرض؟.. وإلى أي مدى بدأ قطف ثماره على مستوى صناعة الكتب والمعارض؟
- لا شك بأن معرض الرياض الدولي للكتاب أضحى تظاهرة ثقافية كبرى، ليس على مستوى المنطقة فحسب؛ وإنما على المستوى العالمي، وذلك بما يحتضنه من أمهات الكتب التي تتناول شتى نواحي الحياة، بعناوين متعددة تمثل ثقافات الشعوب، ولا أدل على الأهمية التي يمثلها المعرض أكثر من هذا التنافس المحموم لدور النشر العالمية على المشاركة فيه لإبراز نتاجها، بالإضافة إلى الفعاليات المصاحبة للمعرض من ندوات أدبية وفكرية وثقافية تدعم وتؤصل للتواصل الحضاري الأممي بين الشعوب، ونحن في المملكة لدينا قاعدة ثقافية عميقة وموروث حضاري واسع نستند إليه في رسم مسار الفكر والثقافة.. ومن دورة إلى أخرى، نسعى للارتقاء بفعالياته، مع حرصنا على التنويع، حتى على مستوى الدولة ضيف الشرف (دولة اليونان)، لتقدم لنا جوانب ثقافية مختلفة.
* ماذا عن مشاركة دولة اليونان كضيف شرف المعرض 2016م؟
- من المؤكد أن مشاركة اليونان كضيف شرف أثرت المعرض، سواءً في الجناح المخصص لها أو في البرنامج الثقافي، لتطلعنا على تجربة حضارية وثقافية عريقة، عمادها التنوع والتعدد والثراء الفكري والتعايش الاجتماعي، مستحقةً وبجدارة أن تكون نقطة الالتقاء بين أبناء البشرية جمعاء، كما أنها استطاعت أن ترفد الثقافة العالمية بآدابها وفنونها المختلفة المحلية بأعمال أدبية وفكرية استحقت نيل أكبر الجوائز العالمية.
* عادة ما تثير معايير اختيار دور النشر المشاركة وتوزيع أماكنها بعضاً من ردود الأفعال المتباينة، كيف تنظرون إلى هذه المشكلة؟
- جوهر المشكلة في المساحة؛ إذ تقدمت إلينا دور النشر بأكثر من 1300 طلب للمشاركة، فيما المساحة الممكن استثمارها لا تتجاوز 7000 متر مربع فقط وذلك لإجراءات الأمن والسلامة.. الأمر الذي يجعل الطاقة الاستيعابية الممكنة بالنسبة لدور النشر تقع في بحر الـ(500) دار نشر فقط مضافاً إليها أجنحة الجهات الحكومية والجمعيات العامة والفنية والثقافية والاجتماعية المنوعة، كما حاولنا زيادة إقبال الزوار على الصالة الخامسة من خلال إفرادها بمزايا عدة، مثل جمع عدد من دور النشر المميزة بشعبيتها تحت مظلتها، إلى جانب منصات التوقيع ومعرض الصور، وصممنا إعلانات عنها داخل الصالات الأربع، فضلاً عن تخفيض إيجار المساحات فيها، وسنواصل توفير هذه المزايا، ولكن بمستوى أعلى، كما سيتم إدراجها في الخرائط عند جميع بوابات المعرض، فنحن ندرك أن العامل الأكثر أهمية هي دور النشر المعروفة والمتميزة، والمطلوبة من قبل الجمهور، لذلك نسعى لاستثمار سمعة هذه الدور لصالح المعرض، لكننا قطعاً معنيون بتوفير أسباب موسم ناجح لكل مشارك.
* تشكو بعض دور النشر السعودية مما تعتبره تفضيلاً للدور العربية الشهيرة عليها، سواءً في موقع الجناح أو المساحة المعطاة لهم.. هل من توضيح بهذا الشأن؟
- لا مفاضلة بين دور النشر، فكل الدور تحظى بالاهتمام ذاته، والمعاملة ذاتها، وتحديد المساحة أو الموقع يأتي عبر معايير واضحة ومحددة أقرتها إدارة المعرض. وأهمها ما يتعلق بمعيار اختيار دور النشر القائم بالأساس على معيار الفائدة التي تقدمها دار النشر بالنسبة للقارئ من حيث العناوين الجديدة والمفيدة والمتفوقة في مجالها وتخصصها وحقلها المعرفي.
* غالباً ما يحظى الطفل باهتمام خاص، وهو ما لمسناه طوال مسيرة هذا المعرض.. هل من رؤية مغايرة تعملون عليها هذا العام أو الأعوام المقبلة لتعزيز هذا الجانب؟
- يظل برنامج الطفل وتنمية ثقافته هدفاً هاماً في هذه المناسبة عبر تقديم العديد من الأنشطة الثقافية المحببة للأطفال في المعرض، منها العروض المسرحية والسينمائية والفنون الشعبية ومعارض الفنون التشكيلية، إذ حرصنا على توفير مساحات يمارس فيها الأطفال فن الرسم والتعارف وتبادل الخبرات والمعلومات، ويحتوي جناح الطفل على أنشطة مكثفة ومختلفة ومتنوعة، وتضمنت أركانه ركناً لمكتبة الملك عبدالعزيز ومسرح العرائس والرسم، وركن لتركيب مجسمات توعوية، وركن قصتي وغيرها.
* يذهب البعض إلى أن معرض جدة للكتاب الذي عُقد قبل ثلاثة أشهر قد يؤثر على عدد زوار معرض الرياض.. هل وضعتم هذا الأمر في الاعتبار مسبقاً؟
- لا شك أن التنافس الشريف مطلب إيجابي نحو الأداء الأمثل، إلا أنه في سياق الفعل الثقافي يتحول إلى تكامل، بصدق عميق أتمنى أن يحقق معرض جدة للكتاب النجاح والتألق في كل دوراته، وقد حظي بنجاح ملموس وكبير في دورته الأولى، ولهذا أؤكد لكم أن معرض الرياض الدولي للكتاب ينظر إلى أي مناسبة ثقافية وطنية على أنها ليس منافساً لنا، وإنما شريك نحو صناعة فعل ثقافي وطني معرفي كبير.
* خطا معرض الرياض للكتاب خطوات واضحة وملموسة على المستويين المحلي والعربي في صناعة الكتاب المطبوع وتقديمه، من خلال أحد أقوى معارض المنطقة من حيث القيمة الشرائية والحضور. ولكن يبقى السؤال قائماً: ماذا في جعبتكم -حاضراً ومستقبلاً- للكتاب الرقمي ولصناعة النشر الإلكتروني؟
- عندما نفكر في مثل هذه المشروعات الثقافية، علينا أن ننطلق في تصوراتنا من تكوين البنية التحتية للمؤسسات الثقافية؛ ليكون لدينا مراكز تقدم المناشط الثقافية المتكاملة، ومنها الكتاب، والمسرح، والمكتبات وغيرها من قنوات ومهرجانات الثقافة المختلفة.. وقد سعى المعرض في هذا العام إلى الحفاظ على إنجازاته التي تحققت في الدورات الماضية وتعزيزها مع إدخال بعض الجوانب التطويرية التي شاهدها زوار هذا العام، ويكون من شأنها الارتقاء بالخدمات التي تقدم للناشر والمؤلف والقارئ، وسيمضي معرض الرياض الدولي للكتاب بحول الله نحو التطوير والتحديث المستمر في كل دورة بغية تقديم أمثل وأفضل الخدمات الممكنة للزوار والناشرين ولكل معني بالكتاب والثقافة والمعرفة.