تمارا سمير البغدادي ">
تشارك المملكة العربية السعودية بفعاليات الأسبوع المروري الخليجي الموحد الحادي والثلاثين، الموافق 13 مارس 2016م، تحت شعار «قرارك يحدد مصيرك». العديد من الفعاليات والأنشطة المجتمعية ستتزامن مع أسبوع المرور على مستوى المملكة لأهمية هذه المناسبة، ولكفالة السلامة المرورية للجميع، وجعل الطريق أكثر أمنًا. الهدف من فعاليات أسبوع المرور هو ترسيخ الوعي المجتمعي بين المواطنين والمقيمين بخطورة الحوادث المرورية، وما ينتج منها من وفيات وإصابات بليغة، ولإدراكها خطورة المشاكل المرورية من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، وما تسببه من الخسائر المادية والآثار النفسية الناجمة عن الحوادث المرورية، والالتزام بالأنظمة المرورية لدى سائقي المركبات والسلوك المروري، وتسليط الضوء على مَواطن الخطأ والقصور وطرق معالجتها لرفع مستوى السلامة المرورية لجميع شرائح المجتمع. ولتحقيق الغايات المرجوة من الأسبوع المروري تُشكَّل كل عام لجان من الجهات ذات الصلة للإعداد له بما يكفل نجاحه. وتستعد مراكز الشرطة لهذه المناسبة بالتنسيق مع الوزارات والهيئات الحكومية والشركات الخاصة ذات الصلة، وتُعدُّ برامج توعـوية زخمة، يشارك بفعالياتها طلبة المدارس والكليات إلى جانب الأجهزة والمؤسسات الحكومية والخاصة. وتُقام المحاضرات والندوات، وتوزَّع الكتيبات والمطبوعات الإرشادية للمواطنين والمقيمين من مستخدمي الطريق.
إن الحوادث المرورية هي المحصلة الطبيعية للحركة المتزايدة للمركبات، وازدياد أعدادها، وأعداد المرخصين للقيادة. ومع أن إدارات المرور والدوريات تتحمل عبئًا كبيرًا في تدريب واختبار آلاف الراغبين في الحصول على رخصة القيادة إلا أننا نحتاج لتوعية بما يخص المرور وحوادثه؛ فمسؤولية الحد من الحوادث المرورية تقع على عاتق أفراد المجتمع كافة، مثل المدرسة وأولياء الأمور، وأصحاب الشركات والعمال والجهات المعنية بالنقل وغيرهم، وليس فقط الجهات الأمنية أو إدارات المرور. ومن واجبنا جميعًا التعاون بهذا الشأن الذي بات يشكل هاجسًا أمنيًّا لمجتمعنا؛ إذ إنه يأتي في طليعة مسببات الوفاة.
الفعاليات تخدم أهداف شعار أسبوع المرور، وتستهدف جميع شرائح المجتمع. وعلينا الاعتراف بأن أهم الشرائح المستهدفة هم الشباب؛ فالمحافظة على سلامة أجيال الغد وتثقيفهم مروريًّا مهم للغاية؛ ليكونوا على دراية تامة بأنظمة وآداب المرور لتنشئة جيل مروري واعٍ. ومن الضروري مخاطبتهم بوسائل التواصل الاجتماعي لتوصيل رسالة الحملات التوعوية إليهم بشكل أفضل وأسرع، ولندعهم يشاركون بنشر التوعية المرورية بطرقهم الخاصة التي أثبتت جدارتها بسرعة الوصول بينهم.
«قرارك يحدد مصيرك» هو شعار هذا العام، وهو مرتبط بالسلامة على الطريق وحماية مستخدميه. وكما هو واضح من مسمى الشعار، فإن على السائق والمشاة تحمُّل نتيجة قراراتهم بما يتعلق بالحركة والتنقل؛ فاتخاذ القرار بالقيادة بسرعة جنونية أو قطع الشارع دونما انتباه من قِبل المشاة - على سبيل المثال - سيترتب عليه ما لا تُحمد عقباه. الأمثلة كثيرة، ولا أعتقد أنني سأستطيع حصرها في هذا المقال، لكني ارتأيت ذكر أهمها للتنبيه؛ لعلها تقيكم شر الطريق. من أهم القرارات المصيرية التي على كل سائق اتخاذها قرار ارتداء حزام الأمان؛ فهو يُعدُّ إجراء احترازيًّا للتخفيف من أضرار الحوادث المرورية. وللعلم، فإن حزام الأمان يفقد فاعليته إذا كان مرتخيًّا، أو ارتُدي بالطريقة الخاطئة. وكذلك الأطفال بالمقاعد الخلفية غير المثبتين بمقاعدهم هم أكثر عرضة للوفاة أو الإصابة. اليقظة والانتباه خلال القيادة مهمان للغاية؛ فلا تقد وأنت متعب، ولا تتصل حتى تصل؛ فانشغال السائقين بالتحدث أثناء القيادة بالجوال أو إرسال رسائل نصية يؤدي لحدوث الحوادث المرورية. دعونا لا ننسى مفاجآت الطريق المميتة، أو التي تتسبب في عاهات مستديمة. تأكد من خلو الطريق عند الرجوع للخلف؛ فكم من حالات دهس آباء لأبنائهم حصلت نتيجة إهمال هذه النقطة. تذكُّر السائق أن أسرته تنتظر عودته؛ ليحد من سرعة مركبته، ويلتزم بقواعد المرور، ولا يتهور أثناء القيادة؛ فكلما زادت السرعة ضاقت زاوية الرؤية، وتعذر معها تدارك الأخطاء. إن السرعة تأتي بالمرتبة الأولى لأسباب الوفيات بحوادث الطرق بالمملكة. خطورة تجاوز الإشارة الحمراء، وعدم عبور التقاطع أثناء ظهور الضوء الأصفر؛ إذ لا يسمح بالعبور بهذه الحالة إلا إذا كان توقف السائق سيؤدي للاصطدام بمركبة أخرى من الخلف. التجاوز الخاطئ قاتل؛ فلا تتجاوز المركبة التي أمامك إلا بالوقت والمكان المناسبَيْن؛ حتى لا تعرّض نفسك والآخرين لمخاطر وخيمة، والتقيد بتعليمات التجاوز كالتجاوز من جهة اليسار دائمًا، وعدم تجاوز أي مركبة في المنحنيات، أو أثناء صعود مرتفع. من الضروري أيضًا التأكد من سلامة المركبة، كفحص فرامل المركبة بشكل دوري، وفحص إطاراتها، والتأكد من صلاحية الإضاءة. الأخذ في الحسبان أن سلامة المشاة مسؤولية الجميع، كمساعدة الأطفال وكبار السن على عبور الطريق من الأماكن المخصصة لهم، وإعطاء المشاة حقهم بالعبور، وتخفيف السرعة عند رؤية أطفاللعبون، أو عجوز يريد عبور الشارع. احترام الطريق واجب؛ فهو ليس ملكًا لأحد. بالنسبة للمشاة يجب أن يكون العبور بشكل سريع، وعدم الانشغال بشيء أثناء العبور كالتحدث عبر الجوال أو إرسال رسائل نصية، أو حتى التحدث مع صديق. وحتى تكون من المشاة السالمين بإذن الله اتبع قواعد السلامة؛ فالنظام لم يغفل المشاة، لكنهم لا يتبعون النظام. وللتأكد من أن السائق قد اتخذ القرار الصائب ليضع نصب عينيه نظرية أنه غالبًا وراء كل حادث مروري مخالفة؛ فإذا كان قراره سينتج منه مخالفة مرورية فالأجدر به تغيير هذا القرار.
السلامة المرورية مطلب الجميع، لكن توفيرها على الطريق يحتاج لوضع الحلول المناسبة للاختناقات المرورية، والقضاء على أماكن تكرار الحوادث، ودراسة التقاطعات الخطرة.. وهذا ما يتم تنفيذه حاليًا لتحسين بيئة الطريق. وعلى سائق المركبة المساهمة عن طريق الالتزام بالقواعد المرورية.
لقد أرسل الله تعالى لنا الرسل لدعوتنا لشرعه، وللالتزام بأوامره، والانتهاء عما نهى عنه؛ وذلك لتحقيق السعادة والنجاة بالدنيا والآخرة،. الالتزام مطلوب بكل أوجه الحياة، وهو يعني اتباع القواعد والقوانين أثناء ممارستنا للنشاطات الحياتية للحفاظ على بقائنا، والتنقل من النشاطات التي نمارسها يوميًّا لتأمين احتياجاتنا. ومع النهضة التي شهدها العالم بمختلف مجالات الحياة وُضعت القوانين والقواعد لمختلف مناحي الحياة، ومنها النقل والسير والتنقل؛ فهناك قوانين للنقل الجوي والبحري وأخرى للبري؛ لتنظيم حركة وتصرفات البشر لتجنيبهم الحوادث المرورية، وتحقيق أمانهم وسلامتهم.
تنفيذ هذه الحملات التوعوية وتوصيل رسالتها وأهدافها يجعلان الطرق أكثر أمنًا لمستخدميها؛ فبالنهاية الحلم الذي نسعى للوصول إليه هو جعل كل سائق بالمملكة السائق المثالي المدرك لمسؤوليته تجاه مجتمعه. ولتحقيق هذا الحلم المنشود علينا تبادل الخبرات والمعلومات فيما بيننا للارتقاء بمستوى الوعي المروري لدى مستخدمي الطريق؛ فقضية المرور هي قضية إنسانية بامتياز.