عبدالله بن حمد الحقيل ">
إن اللغة العربية يحتاج إليها المسلمون في كل مكان لفهم دينهم. وتتجدد الرغبة إليها والاهتمام بها مع رغبة النفوس وتطلعها إلى الإسلام والدخول فيه؛ إذ هي الوسيلة الفعّالة والمصدر القوي لفهم رسالة الإسلام، ومعرفة القرآن الكريم، وفهم معانيه.. ولقد زادت الرغبة في السنوات الأخيرة في تعلم اللغة العربية الإسلامية، والاستفادة من المصادر التراثية المختلفة. وهذا الحرص والاهتمام والإقبال مهما كانت دوافعه فهو عنوان لفضل اللغة العربية، ودليل على أهميتها في شتى الأوساط المختلفة؛ لما تمتاز به من ثروة لغوية هائلة، وإيجاز لغوي، وما تتمتع به من خصائص، وما تشتمل عليه من معطيات. ولقد كان للعرب وللغتهم فضل كبير على كثير من الأمم عندما انتشر الإسلام في تلك الديار؛ فتخلى الكثيرون عن لغاتهم عن قناعة وطواعية، وأقبلوا على اللغة العربية يتعلمونها؛ لأنها لغة القرآن الكريم والدين الإسلامي الذي دخلوه واستوعبوه، وارتفع الكثيرون به، وبرزوا في ميدان اللغة العربية وعلومها وآدابها وفقهها وبلاغتها، وانصهروا في بوتقة الإسلام، وتركوا لنا رصيدًا ضخمًا من المصطلحات العلمية بكل علم من هذه العلوم.
ولا شك أن اللغة العربية استمدت قوتها ومكانتها من القرآن الكريم الذي نزل بها؛ فجعلها لغة حية؛ فأقبل الناس على كتاب الله يعكفون عليه، وينهلون من معينه العذب النمير، وصارت لغة القرآن الكريم هي اللغة المختارة للعرب والمسلمين؛ إذ أخذ الناس يتوافدون على الإسلام أفواجًا أفواجًا، يعلنون إسلامهم؛ ويتعلمون اللغة العربية؛ ويتذوقون ألفاظها وعمقها ومعانيها، وما تحفل به من بيان وبلاغة وجمال وأدب وحكمة.. يقول المستشرق رينان في كتابه (تاريخ اللغات السامية): «من أغرب المدهشات أن تنبت اللغة العربية وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمة من الرحل، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها، ودقة معانيها، وحسن نظام مبانيها، ولم يعرف لها من كل أطوار حياتها لا طفولة ولا شيخوخة، ولا نكاد نعرف من نشأتها إلا فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تبارى، فلنعمل على جعلها وافية بمطالب العلوم والآداب والفنون وملاءمتها لحاجات الحياة المتطورة في أم اللغات».
أنا الضاد يا هذا كفاني ريادة
بأن عباب الذكر فجرته وحدي
وسرت بعرض الكون شرقًا ومغربًا
وأنطقت صمت البكم والطفل في المهد
- عضو اللجنة العلمية للغة العربية