الجزيرة - الرياض:
من موقعه في ردهة التداول في دبي، يجلس أبو هاني عند الخطوط الأمامية لانحدار الأسواق العالمية.
فقد كانت الأسهم في الخليج العربي، التي انزلقت بسبب تدهور أسعار النفط، من بين أبرز ضحايا هبوط الأسواق العالمية الذي بدأ في 2015. أما أشدّ المتضرّرين فكانت مجموعة المستثمرين الأفراد الكبيرة في المنطقة، من أمثال أبو هاني.
ومن المحتمل أن يثني ذلك جيلاً جديداً من المستثمرين الأفراد عن توظيف الأموال في أسواق الشرق الأوسط، وهي تدفّقات تَعتمد عليها بورصات المنطقة إلى حدّ كبير. كما تواجه أسواق أسهم ناشئة أخرى، لا سيّما الصين، شكوكاً مماثلة إزاء صمود مجموعاتها الكبيرة من المستثمرين الأفراد التي تضمّ فئة المستثمرين الذين يحتفظون بالأوراق المالية بشكل مباشر.
وأثناء تدقيقه في الأسعار التي تَظهر على شاشة في ردهة تداول سوق دبي المالي قال أبو هاني، وهو مدرّس إماراتي متقاعد يبلغ من العمر 66 عاماً، إن «الأسهم هنا تتعقّب بكل بساطة منحى أسعار النفط» التنازلي.
فوسط فائض الإمدادات، هوى سعر الخام بنحو 73% منذ صيف 2015، وأدّى هذا الهبوط إلى تراجع عدد من المؤشرات في مختلف أنحاء هذه المنطقة الغنية بالنفط.
وبالعودة إلى أبو هاني، فقد بدأ بالاستثمار قبل خمس سنوات بعد تقاعده من وظيفته في تعليم كتابة الخطّ العربي. وهو واحد من بين العديد من صغار المستثمرين الذين يهيمنون على أسواق الأسهم في منطقة الخليج العربي.
أما في الصين، فامتلك المستثمرون الأفراد حوالي 80 % من الأسهم القابلة للتداول من بين تلك المدرجة لغاية منتصف العام 2015، عندما دخلت الأسهم الصينية مرحلة هبوطها الحالية. في المقابل، تهيمن المؤسسات على الأسواق المتقدّمة، مثل الولايات المتحدة وأوروبا.
هذا وكانت مسؤولية التقلّبات الحادة والانحدار الشديد الذي سجله مؤشر «شنغهاي المركب»، حيث هوى بنسبة 38 % منذ حزيران/يونيو الماضي، أُلقيت على عاتق المستثمرين الأفراد بشكل جزئي. وفي الشهر الذي تبعه، أقدم نحو ثلث المستثمرين الأفراد في البلاد - أي أكثر من 20 مليون شخص - على مغادرة السوق، حسبما أفادت وكالة داو جونز.
فمصدر الخوف الأكبر هو أنه عندما يلحق الضرر بالمستثمرين الأفراد، سيختارون إما مغادرة السوق أو البقاء على الحياد لبعض الوقت. لا بدّ من الإشارة إلى أن سوق الأسهم السعودي «تداول» تدهور أواخر العام 2006 بعد انتعاش دام ثلاث سنوات، ليقضي بذلك على جيل من المستثمرين الذين ينتمون إلى الطبقة الوسطى ويحول دون عودة عدد كبير منهم إلى الأسواق. وفي الولايات المتحدة، امتنع بعض صغار المستثمرين الهواة عن التداول بالأسهم بعد تكبّدهم خسائر عند انفجار فقاعة الإنترنت بين 2000 و2001.
وخلال أحد أيام التداول في سوق دبي المالي مطلع شباط/فبراير، جلس العديد من المستثمرين على غرار أبو هاني بلباسهم العربي التقليدي في مقاعد البورصة المصنوعة من الجلد الأسود.
وفي الوقت الراهن، اختار المدرّس السابق أبو هاني البقاء على الحياد، موضحاً أننا «نأمل صعود الأسواق».