الجزيرة - الرياض:
اضطرت شركات الدولة في منطقة الخليج إلى وقف اعتمادها على التمويل الحكومي المباشر والتركيز على أسواق المال والاستثمار الخاص لتنفيذ مشروعاتها في حقبة النفط الرخيص.
وفي السنوات السابقة التي شهدت ارتفاعا في أسعار النفط كانت شتى المشروعات من الجامعات إلى استادات كرة القدم تعتمد في تمويلها على الخزانة العامة. لكن الوضع تغير مع تقليص الحكومات المشروعات غير الضرورية واتجاهها لأسواق المال للمشاركة في تحمل الأعباء المالية.
وقال مسؤول رفيع لرويترز «المستقبل، كما نراه، للمشروعات التي ترتبط بالاستثمار الخاص». وقد يكون ذلك هبة للمصرفيين الذي يترقبون منذ فترة لعب دور أكبر في ترتيب صفقات تمويل لحكومات الخليج.
وقال: اندي كيرنز الرئيس العالمي لبدء إجراءات وتوزيع الديون «المشروعات التي سيتم تنفيذها هي الأكثر أهمية من الناحية الاقتصادية وتحتاج على الأرجح تمويلا مستقلا. وهذا يشير لحاجة أكبر لتمويل المشروعات».
ويبدو هذا التحول أكثر وضوحا في دول الخليج الأصغر التي تفتقر لاحتياطات نقدية كبيرة ولكن لديها مشروعات كبيرة قيد التنفيذ ولاسيما عمان والبحرين. وطرحت الشركة العمانية لنقل الكهرباء باكورة صكوكها في مايو / أيار بقيمة مليار دولار بينما تلجأ ألمنيوم البحرين (البا) لأسواق رأس المال لتمويل جزء من توسعة مصهرها بتكلفة 3.5 مليار دولار.
لكن التغيير امتد لعدد من أكبر الشركات في المنطقة ففي السابق كانت الشركة السعودية للكهرباء تلجأ للسوق لتمويل بناء محطات كهرباء وفي الوقت نفسه تحصل على مساهمات منتظمة من الحكومة على هيئة قروض معفاة من الفائدة. وفي يونيو حزيران 2011 أعلنت أنها حصلت على منحة نحو 50 مليار ريال بهذه الشروط بموجب مرسوم ملكي وتلقت دعما مماثلا في مارس - آذار 2014. ولكنها الآن تسعى للحصول على تمويل إضافي من خلال السوق.
كما تشجع المصرفيين بفضل قوانين جديدة سنت العام الجاري في دبي والكويت تيسر الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتمنح المستثمرين حصص ملكية في الأصول أو إيرادات مقابل المساهمة في تحمل التكلفة الأصلية.
وفي الكويت حالت بنود خاصة بملكية الأرض في تشريعات سابقة دون مشاركة بنوك إسلامية ومستثمرين في مشروعات. وقال الكس صالح الشريك في شركة المحاماة التميمي ومشاركوه إن القانون الجديد يحل هذه المشكلة وينبغي أن يشجع على مزيد من الشراكة بين القطاعين العام والخاص في البلاد.
حلول السوق
إلا أن الصعوبة التي تواجه الشركات الحكومة اللجوء أنها تتجه لحلول تمويل بديلة في وقت تطرأ فيه تغيرات على السوق.
فمع انكماش إيرادات النفط تقل الودائع لدى البنوك المحلية وتتقلص السيولة المتاحة للمشروعات وينعكس ذلك على أسواق المال مع ارتفاع أسعار الفائدة. وفي الوقت ذاته فإنَّ قواعد بازل 3 المصرفية الجديدة تقلص جدوى القروض التي تتجاوز مدتها 20 عاما التي تقبل عليها الشركات الحكومية في الخليج كثيرا.
وقال ماريو سلامة رئيس تمويل المشروعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اتش.اس.بي.سي «الهامش يكون ثابتا خلال الأعوام العشرين ولكن يجري تطبيق قواعد تتغير بموجبها الاحتياطيات الإلزامية للبنوك ولذا فالصفقة التي كانت مربحة يوما ما لم تعد كذلك».
وقد يدفع ذلك المقترضين للجوء للسندات وليس القروض ليقترب الشرق الأوسط من الممارسات في مناطق أخرى في العالم مثل استراليا والولايات المتحدة حيث تمول البنية التحتية بشكل أساسي من سندات مشروعات أو قروض أقصر أجلا أو يعاد تمويلها بسندات فور البدء في تشغيل المشروع.
ويدور منذ فترة الحديث في منطقة الخليج عن سندات المشروعات بوصفها المستقبل لأنشطة جمع الأموال ولكن لم يطرح سوي حفنة في السوق حتى الآن.
كما أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تجد صعوبة خارج قطاع المرافق لان دول الخليج تحجم عن التخلي عن سيطرتها على الأصول، فعلى سبيل المثال بدا مشروع توسعة مطار المدينة في السعودية كمشروع مشترك بين القطاعين العام والخاص ولكن الهيكل النهائي كان مختلفا ومنح حقوق امتياز للقطاع الخاص بدلا من ملكية كاملة للحصة.
قال كريم نصيف محلل الائتمان في ستاندرد اند بورز «في نهاية المطاف يفتقر السوق فعليا لشراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاع النقل يمكن أن يصبح نموذجا يستعان به في سوق المال. اعتقد أن الإمكانية موجودة ولكن لم تتضح بعد الصفقة التالية خارج قطاع الكهرباء والماء».