تغريدة.. ملك ">
كنت قد كتبت في الغراء الجزيرة مقالاً بعنوان (رسائل رعد الشمال، جمعنا... واجتمعنا) يوم الجمعة الموافق 11-1-2016م.
بينت فيه بتسع رسائل، أهم الرسائل التي بعث بها تمرين رعد الشمال للأصدقاء قبل الأعداء.
وقد كثر اللغط والحديث والتخرصات حول رعد الشمال أهدافه ونوايا القائمين عليه منذ أن بدأ وحتى أسدل الستار على نهاية التمرين وما زال القوم يخوضون إلى هذه الساعة.
وقد قطعت الإدارة السعودية كل التخرصات من خلال انتهاء هذا التمرين في الوقت المحدد له وبإعلان الملك -سلمه الله- نهاية التمرين!!.
بدأ رعد الشمال واجتمعت القوات، وتم إنهاء التمرين بنجاح، وانفض المجتمعون ولله الحمد، هذه قصة رعد الشمال باختصار.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، نهنئ أنفسنا، ونهنئ القيادة ممثلة بالملك سلمان بن عبدالعزيز -سلمه الله- ونهنئ القادة المشاركين والوفود، والأفراد، والجميع، والوطن، والمواطنين، على هذا الحضور وهذا النجاح وهذا التآلف والتحالف، وهذا توفيق محض، من الله رب العالمين، فالحمد لله من قبل ومن بعد.
والسؤال المتبادر للذهن ماذا بعد رعد الشمال؟
ما هي الرسائل التي يتوقع أن تكون وصلت للجميع بعد انتهاء هذا التمرين العالمي الذي هو الأكبر على مستوى الشرق الأوسط!!
هذا التمرين الهام جداً، وفي هذا التوقيت الحرج، وفي ظل هذه المتغيرات المتسارعة من حولنا، يجب أن تكون له رسائل، ورسائل ذات مدلولات واضحة للجميع، وهذه الرسائل مقروءة، ومفهومة دون لبس، أو التباس.
غرد الملك سلمان بن عبدالعزيز سلمه الله، عبر موقعه في تويتر يوم الجمعة فقال:-
(فخورون هذا اليوم بتضامننا في رعد الشمال، وأن يشاهد العالم عزمنا جميعاً على ردع قوى الشر والتطرف ومحاربة الإرهاب). انتهى.
من هذه التغريدة المقتضبة للملك سلمه الله، تتضح الرسائل بعد انقضاء تمرين رعد الشمال.
فرسائلنا بعد درع الشمال على هذا رسالتان:-
الأولى: رعد الشمال محل فخر لنا إذ حقق هذا التمرين التضامن للمشاركين في درع الشمال وهذا مبعث فخر للجميع أفراداً وقادة وشعوب، بل بعث يعلم الله في قلوبنا الأمل والطمأنينة على الغد القريب لدولنا.
الرسالة الثانية:- المهم عندنا أن يشاهد العالم عزم المشاركين على ردع قوى الشر والتطرف والإرهاب، هذه رسالة أخرى ومهمة لكل من تسول له نفسه أن يقترب من بلداننا أو يضمر لنا الشر نحن طلاب سلام، لا حروب وخراب.
رسالتان واضحتان نحن طلاب سلام، ونبحث عنه، وعن مظانه، لكننا للأعداء متيقظون، وقد أخذنا حذرنا.
فخرنا في الرسالة الأولى يكمن في أننا حققنا تضامناً واضحاً مؤيداً من الجميع في زمن الانفلات والحروب لأجل الحروب وسفك الدماء المحرمة دون رادع من دين أو أعراف أو قيم، في زمن تكالبت فيه العصابات، وأخذت تعيث في الأرض فساداً لتهلك الحرث والنسل.
يؤيدها في ذلك دول ومؤسسات ترعى الإرهاب وأهله على مرأى ومسمع من العالم لأهداف وأيدلوجيات وأجندات معلنة.
فإيران مثلاً كشرت أنيابها وأخذت تحرق الأخضر واليابس في المنطقة برمتها تحرك أذنابها من حزب الشيطان والحوثيين ومن لف لفهم تدريباً ودعماً مالياً ولوجستياً.
مشاركة فعلية معهم في الحروب، والتدريب، والتجهيز بأعذار واهية ساقطة، تارة باسم تصدير الثورة، وأخرى نصرة لحلفائها في المنطقة كرأس الأفعى رئيس النظام السوري، أو خميني العرب حسن نصر الشيطان.
كم وجد المراقبون الدوليون من أسلحة قادمة من إيران في أرض سوريا وبيد القوات التابعة لها صباح مساء!!
كم عثر على ضباط على أعلى الرتب وقياديين في الجيوش الإيرانية يقودون المعارك على الأرض السورية ومنهم من مات في محرقة الحرب الدائرة في سوريا، وقل مثل ذلك في العراق، واليمن، وهكذا الحبل على الجرار!!.
قد انكشف القناع عن قوى الشر، وسقط اللثام عن داعمي الإرهاب ومموليه، وعلى إيران أن تعي أنها أصبحت تلعب مع شعوبنا الإسلامية والعربية على المكشوف.
كم تغنت بالقضية الفلسطينية فأصابتها في مقتل، وكم تغنت في ذراع المقاومة في لبنان فعاودت نيرانه تصيب شعوبنا.
ما زلنا ننادي بالحوار والحلول السلمية وبحت أصواتنا وما زلنا في المحافل الدولية وفي اللقاءات الرسمية نؤكد على ذلك وننادي به!!
وكذلك ننادي بتفعيل الحلول الدبلوماسية لإيقاف هذا النزف في الجرح الإسلامي الغائر، وننادي بإيقاف آلة الحرب المدمرة.
يقول الشاعر محمود غنيم:
لاَ تَحْسَبَنِّي مُحِبًّا أَشْتَكِي وَصَبًا
هَوِّنْ بِمَا في سَبِيلِ الْحُبِّ أَلْقَاهُ
إِنِّي تَذَكَّرْتُ وَالذِّكْرَى مُؤَرِّقَةٌ
مَجْدًا تَلِيدًا بِأَيْدِينَا أَضَعْنَاهُ
وَيْحَ الْعُرُوبَةِ كَانَ الْكَوْنُ مَسْرَحَهَا
فَأَصْبَحَتْ تَتَوَارَى في زَوَايَاهُ
أَنَّى اتَّجَهْتَ إِلَى الإِسْلاَمِ في بَلَدٍ
تَجِدْهُ كَالطَّيْرِ مَقْصُوصًا جَنَاحَاهُ
كَمْ صَرَّفَتْنَا يَدٌ كُنَّا نُصَرِّفُهَا
وَبَاتَ يَحْكُمُنَا شَعْبٌ مَلَكْنَاهُ
نحن نعلم أن إيران هي من تدير الحوارات المزعومة مع النظام الدموي في سوريا من خلف الكواليس، وأن الشخوص التي أمامنا ليست لاعباً رئيسياً بما في ذلك رئيس النظام السوري، الذي سلم نفسه وبلاده للفرس وأصبح دمية بين أيديهم لا يصرح حتى يرجع لأسياده في عاصمة الشر طهران وهكذا الحال بالنسبة لحزب الشيطان والحوثيين والبقية الباقية.
رعد الشمال يجعلنا شعوباً وقادة نفخر كما قال الملك -سلمه الله- بهذا التضامن ونحن نبحث عن السلمية وندفع بها، لكن الحروب إن فرضت علينا فنحن على أهبة الاستعداد، ونحن لها، ورعد الشمال مثلاً.
الرسالة الثانية وجهناها للعالم ليعي حجم المعاناة التي تئن بسببها المنطقة برمتها بعد أن عاثت فيها أيدي الإرهاب والإرهابيين، فليعلم العالم وليشاهد بأم عينيه هذا العزم الواضح للمشاركين على ردع قوى الشر والتطرف والإرهاب.
لن نقف مكتوفي الأيدي ونحن نرى دمنا المسفوح، وبلاد المسلمين تئن تحت الآلة العسكرية لرئيس أجلب على شعبه وبلده، برجله، وخيله.
بالبراميل المدمرة!
ثم استجلب لأجل النكاية بهم دولاً تساعده على الإجهاز والقضاء على البقية الباقية من الشعب، ومقدرات البلد!!
ثم من خلف الكواليس يعقد الاتفاقيات مع الإرهابيين وقوى الشر والتطرف ليقنع العالم أنه يحارب الإرهاب وهو يرقص بينهم، ويمدهم بالعدد، والعدة، والعتاد، ويلعق دماء المساكين والمظلومين.
لكن الله له ولمناصريه بالمرصاد!!
قال الله تعالى في سورة إبراهيم: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ}.
المشاركون في تمرين رعد الشمال قالوا عن قوس واحد وبلسان واحد، أنهم عازمون على محاربة قوى الشر والتطرف والإرهاب.
وقد أحسنت باكستان على الخصوص عندما أرسلت لإيران رسالة واضحة من خلال الاستعراض بطائرة الرعد الباكستانية وهي طائرة «JF-17 Thunder» الباكستانية الحربية، والتي كانت نتاج مشروع مشترك مع الصين؛ لإنتاج طائرة مقاتلة متعددة المهام، خفيفة الوزن، وبمحرك واحد، أنتج منها 54 طائرة حتى الآن، وتتشابه مع طائرة «إف-16» الأمريكية في الكثير من الميزات.
ولها ميزات أخرى أذهلت المراقبين وهي رسالة واضحة لقوى الشر والإرهاب أننا جاهزون لأي طارئ لا قدر الله.
هذه بعض قوتنا، وحققنا المعادلة الصعبة في الزمن الصعب وما زلنا نفضل الحلول السلمية، تماشياً مع الأعراف، والمواثيق الدولية.
تطبيقا لمبدأ السلمية، وتحقيقا لمبادئ ومواثيق الأمم المتحدة التي أنشأت من أجلها.
لكننا مستعدون لقوى الشر ونستطيع بفضل الله أن نصلها بعقر دارها ونشغلها بأنفسها.
قال الله تعالى في سورة الأنفال وكأنها تحدد رسائل رعد الشمال بعد انتهاء تمرين رعد الشمال:- {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)} سورة الأنفال.
فالحمد لله على هذا التوفيق، وهذا الفتح الرباني، وعلى هذه الألفة التي خص الله بها المشاركين في رعد الشمال، وعلى تحقيق الأهداف المرجوة من هذا التحالف، الذي عكس تصميم المشاركين على الوصول لما هو مرسوم ومحدد لهم، والحمد لله على التمام.
قال الله في سورة الروم {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)}.
رسالتان واضحتان بينتان قد أعلنهما الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وسدد رأيه ورعاه بعينه التي لا تنام، بالتغريدة المشار إليها في أول المقالة والتي نصت على:-
فخورون هذا اليوم بتضامننا في رعد الشمال، وأن يشاهد العالم عزمنا جميعا على ردع قوى الشر والتطرف ومحاربة الإرهاب) انتهى.
فوفق الله قيادتنا الحكيمة، ونحن معها يداً بيد، قلباً على قلب، بنياناً مرصوصاً يشد بعضه بعضاً، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
ووفق الله قادة الأمة لما يعلي من شأن بلدانها، ويحقق الأمن والأمان لشعوبها، ويحقق الأمن والسلم الدولي للدول المشاركة.
ويرد كيد قوى الشر، والظلام والإرهاب إلى نحورها، ويكفينا شرورها، بجنوده التي لا تعد ولا تحصى، ويحمي بلداننا وشعوبنا وأمننا بحماه وهو الهادي إلى سواء السبيل.
- د. سلطان بن راشد المطيري