طالعت مقالاً نشر في عدد يوم الثلاثاء 1 مارس 2016م بعنوان (لبنة بناء لا معول هدم) وأعلق عليه بأنه تنطلق القرارات السليمة في حياة الأفراد والمنظمات في الميادين كافة بناءً على الرؤية الصائبة للحاضر، والنظرة الفاحصة للمستقبل، فالقراءة العميقة للحاضر بما حوى من قرائن وأحداث وظواهر، والتخيل الواسع لمجريات المستقبل السلبية والإيجابية على حد سواء، يفتح آفاق العقل، ويضفي نضجاً فكرياً يسهم في صناعة القرارات الناجحة، واختيار البدائل المناسبة. وهذا مختصر ما يرمي إليه علم استشراف المستقبل، الذي شاع ووقر في الأذهان أنه علم غربي حديث النشأة، إلا أنه في حقيقة الأمر كان مصب اهتمام الإنسان منذ بداية عهده، فهو قديم قِدم الإنسان نفسه، وخير شاهد على ذلك قصة ابني آدم، حينما همَّ أحدهما بقتل الآخر، فما كان من المجني عليه إلا أن قال: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِين إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}. وكان المبرر الذي انطلق منه الابن المجني عليه في صناعة قراره هو الرؤية مستقبلية للأحداث المترتبة على الحاضر. وبناءً على ما سبق فمفهوم الاستشراف ليس بجديد، لكن الجديد في الأمر الاتجاه المتزايد نحو تطبيقاته، حتى أصبح علماً مستقلاً بذاته في القرن العشرين، ويسير وفق مناهج وأساليب حديثة، ويخرج بنتائج كمية وكيفية تحد من العشوائية في اتخاذ القرارات.
أحمد البارقي - الرياض