طالعت مقال الأستاذة القديرة ناهد باشطح (قم للمعلم) في عدد الجمعة 19 فبراير 2016م بأنه يجب على المعلمين كافة احترام الطلاب في جميع الأوقات، خاصة أن الإعلام أصبح يقف بالمرصاد لنشر الممارسات الخاطئة التي قد يرتكبها المعلم بحق طلابه؛ لذلك ينبغي الحذر والتنبه لهذه القضية خاصة، ليس خوفاً من معاقبة وسائل الإعلام بل لأن من واجب جميع المعلمين والمعلمات عدم الإساءة للطلبة؛ فالمعلم الذي يتوقع أن يلقى الاحترام من طلابه يجب عليه أن يحترمهم أولاً.
ولو قمنا بإجراء بحث في غوغل أو يوتيوب عن (إساءة معلم) سنجد أن عدد الأمثلة المتعلقة بحالات الإساءة للطلبة كثيرة ومتنوعة، ويصل بعضها إلى مستوى محرج لهذه المهنة النبيلة. ولنتذكر دائماً أننا نعيش في زمن يمتلك فيه كل طالب هاتفاً محمولاً متصلاً بالإنترنت، ولن يستغرق الأمر دقائق معدودة حتى يجد المعلم اسمه وصورته وكيفية إساءته للطالب على اليوتيوب، وتتناقلها مئات المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت، بما يسبب له الإحراج، وربما يؤدي إلى فقدانه وظيفته.
لا بد أن نتذكر أن التغير السريع ونمط الحياة المتقلب الذي نواجهه يومياً هو ما يواجه الطلبة أيضاً؛ لذلك يجب أن لا ننسى أن البيئة التي أتى منها هؤلاء الطلاب قد تكون صالحة أو مليئة بالمتاعب؛ لذلك يجب مراعاة كل هذه الظروف؛ حتى نضمن نجاح مهمة تعليمهم. فالمدرسة يجب أن تكون ملاذاً آمناً، ويجب أن يثق الطلبة بكل معلميهم ومرشديهم وبالعاملين في هذا المجال؛ إذ يختلف كل طالب عن الآخر، ويجب استيعاب هذه الاختلافات، والتعامل معها بمهنية.
لو كان الطلبة متشابهين في كل شيء لأصبح عمل المعلم مملاً؛ لذلك من المهم أن ندرك أن هناك اختلافات هائلة في كل طالب على حدة، أو في كل صف. فالطالب في الصف الثالث لا يمكنه التعامل مع موقف ما كما يتعامل طالب في الصف السادس.
إن المعلم القدير الناجح هو من يكون صبوراً ومتفهماً عند التعامل مع أي طالب، وهو الشخص الذي يعرف كيف يختار كلماته بعناية، ويقولها بأسلوب لطيف وعذب، والأهم من ذلك نبرة الصوت الهادئة التي تجعل من الكلام مقبولاً، وإن كان معناه قاسياً بعض الشيء.
عندما نتوقع أن يحترمنا طلابنا فعلينا في المقابل أن نحترمهم في كل الأوقات، وهذا ليس سهلاً دائماً؛ فالمعلم الناجح يجب أن يتفاعل مع الطلاب بشكل إيجابي، ويجب أن لا يوبخ أو يسبب الحرج لأي من طلابه علانية، ومن الأفضل التحدث معهم خارج الصف؛ فالتحدث معهم خارج الصف يعني منحهم الفرصة، بينما التحدث معهم وإحراجهم أمام الطلاب الآخرين يعني (التقليل من شأنهم)، وهذه تكون بداية العلاقة السيئة مع المعلم.
من الطبيعي أن يقترف الطلبة الأخطاء، وسيكون من الجهل الاعتقاد بأنهم لن يخطئوا، وإن كنت تعتقد ذلك فإنك وإياهم تسيرون بسرعة نحو الفشل.
هناك فرق بين التوقعات الكبيرة والتوقعات الخيالية، فالنظريات والقناعات المسبقة يمكن أن تدمر وستدمر علاقاتك مع طلابك. وعليك بوصفك معلماً (أو معلمة) تذكُّر أن كل شخص يستحق فرصة ثانية، ويجب منح هذه الفرصة دائماً لطلابك، وسوف تدهشك النتائج.
يجب أن يكافح المعلمون لبناء علاقات إيجابية وثقة متبادلة مع طلابهم. وقد يستغرق بناء بعض هذه العلاقات وقتاً، ولكن الأمر يستحق بذل كل الجهد لتحقيقه. أما الاحترام فهو الأساس دائماً؛ إذ يصبح المعلم أكثر فاعلية عندما يكتسب احترام طلابه.
أريج زياد عنبرة - الرياض