سام الغُباري ">
- لست أدري ما هو رأي أصدقائنا الأساتذة في صحيفة الجزيرة السعودية المدهشة عن ربيع العرب الذي أصاب اليمن في منتصف فبراير من العام 2011م، وألحق بها كل هذا الألم الذي لا يزال يسكنها.
- أكتب عنه بعد أن أغلقت صفحتي في «فيس بوك» غاضباً مما يحدث في بلادي بسبب «الفبراريين» الذين انتفضوا على نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، فأخرجوه من حُكم طويل التهم فيه أيامنا ومواردنا وعطايا الخليج التي ما برحت تعين اليمن في كل شيء تنموياً وتعليمياً وصحياً، وعسكرياً أيضاً.
- كانت اليمن عين الخليج وفتاها المُدلّل، فجاء جاحد أوسعنا عداءً مع كل مَن حولنا، ومع أنفسنا أيضاً، وختم حياته وتاريخه المثير للجدل بألم كطاعون، وكانت مطالب شباب فبراير أيضاً نكاية بنا كأمراض اشتد سقمهم وتاه بهم العناد في كل وادٍ.
- حين أزور «الجنادرية» مع عائلتي الصغيرة في رياض الخير، تحتويني أيام فبراير السعيدة، وأجد فيها متنفساً للعب ومشاهدة السعوديين الطيبين يضحكون ويمرحون ويشترون ويتعرّفون على ما حولهم من العالم وثقافاته وفنونه، وأجمل ما لديه.
- كان لليمن جناح في الجنادرية، يتيم كبلادي، جريح كعيالها، ضائع كمستقبلها، دخلته، أشتقت لباب اليمن، وصور صنعاء القديمة التي تزيّن بعض واجهاته الخشبية، لم أجد فناً يمنياً يُعزف في سماء الرياض الفسيحة، فاليمنيون مشغولون بأخبار الموت الذي يرسله الحوثيون إلى كل دار، تنقلت بين معارض الدول الأخرى، شدهتني أيامهم المبتسمة، وفنونهم الراقصة وتراثهم التاريخي المميز.
- يحتفل الكويتيون أيضاً في فبراير، ينشدون أجمل أغانيهم، وأروع ما يقوله فنانو العرب وخلاصة حناجرهم الذهبية، يتنافسون في مسارح الكويت ومدنها لإسعاد الأمة التي تقلقها أخبار المعارك العربية والغضب المتصارع في دواخلها وأنفاسها.
- إلا أنا وبلادي، تضيق بنا مساحة الأفق الذي أشعله فينا فبراير أسىً وحرماناً وتشريداً وقمعاً وضياعاً، وقد كان لنا أن نُعيد صياغة مستقبلنا بنوع من حصافة المهتم، وحكمة اليماني الذي خرج ولم يعد، فما وجدنا أحداً في صنعاء ينطق بالعقل ويدعو إلى إيقاف معارك الأخوة، ويدق ناقوس الخطر، ويصيح بالرعب حتى تسكت كل الألسنة الداعية للفتنة والمُطالبة بحكم إيراني في بلاد أنجبت ملايين العرب وأرسلتهم للدفاع عن حواضر العصور التاريخية من بغداد إلى الشام والأندلس.
- اليمنيون جيشٌ من الرجال المؤمنين الذين لا يقبلون الضيم والاستعباد، ولا يحتفلون بأيام أرهقتهم، وهم عطشى لكل نغمة صافية رحلت عن ديارهم واغتصبت حناجرهم صرخة الموت الحوثية حتى نالت منهم، ونالوا منها، ولا يزالون يكافحونها حتى يطردوها من أجسادهم، وأراضيهم، ويُجرموها كما يُجرم الخبيث.
- فبرايرنا غير سعيد أيها السادة، نحن لم نعشق، ولم نغن، ولم نعد نعرف حياة بعد أن وصلنا إلى ما نحن عليه من الألم الذي اغترفتاه وشربناه من كراهية وصلت إلينا من طهران الموبوءة بالخيالات المريضة الواهية الواهمة.
- سننتصر، وتعود الحياة، وتكبر الابتسامة في وجوه اليمنيين.
.. وإلى لقاء يتجدد
- كاتب وصحفي يمني - مدير عام الإدارة العامة للإعلام بجامعة ذمار