نبدأ الحياة بابتسامة تحكمها المرجعيات وتوزيع الأدوار ">
الثقافية - علي المجرشي:
وصف الدكتور ميسرة طاهر المتخصص في علم النفس أن الترفيه أحد أهم طرق إزالة القلق، وبالتالي يشبع الحاجة للأمن، وهو أحد أهم وسائل استعادة التوازن النفسي كي لا تمل النفس، رابطاً بين الضحك والترفيه، معدداً فوائد الضحك، قائلاً «في الضحكة الواحدة يتم تحريك 17 عضلة في وجه الإنسان، عدا عن فائدته للجسم والعقل، وتحقيقه السعادة والسلام النفسي، وعلاجه العصبية، وجعله الشخص أكثر شباباً ووسامة وتجدداً، ناصحاً بأن لا يكون الترفيه مكلفاً لدرجة أن يرهق ميزانية الأسرة، ويحملها فوق طاقتها.. جاء ذلك خلال ندوة «ثقافة الترفيه: الدوافع والموانع»، التي أقيمت مساء أمس الأول، ضمن البرنامج «الثقافي» المصاحب لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2016م.
كما وجَّه ميسرة نصيحته بالتوازن بين مطالب الجسد ومطالب النفس، وكذلك مطالب الزوجة والأبناء والأصدقاء والعمل، قائلاً «إذا كان الطعام والشراب يلبيان حاجة الجسد، فإن الترفيه يلبي حاجة النفس، وعن الحياة الجدية بوصفها مطلباً شرعياً؟ أجاب الدكتور ميسرة بـ«لا»، مستشهداً بحديث «ساعة وساعة»، والعديد من الأحاديث النبوية الشريفة الدالة على ذلك، مضيفاً «أن مفهوم العبادة في الإسلام مفهوم شامل، لا ينحصر في صلاة وصيام»، مشيراً في هذا السياق إلى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يسمح بأن تتجاوز بقية جوانب الحياة، بل أكد على مفهوم التوازن.
وعن البدايات التي يعبرها الإنسان إلى مشوار حياته مرحلة تلو أخرى، أوضح المحاضر أن الإنسان من ولادته يتقن أربعة أعمال وهي: مص الحليب، الإخراج، الابتسام والبكاء، مشيراً إلى أن الابتسام يسبق البكاء، حيث يبتسم الجنين في بطن أمه، والإنسان يحتاج إلى الضحك كما يحتاج إلى الطعام.
من جهتها، تحدث الدكتورة نورة بنت إبراهيم الصويان أستاذة علم الاجتماع عن محور «المجتمع السعودي والترفيه» قائلة: إن التعامل مع مسألة الترفيه والوقت الحر ما زال إلى حد كبير يخضع لمنطق توزيع الأدوار بين الرجل والمرأة، مؤكدة أن الثقافة المحيطة تؤثر بالتأكيد على طبيعة العلاقات بين الزوجين والأسرة ككل، وأضافت أن موقف ونظرة الأسر للترفيه يعتمد على الإطار المرجعي لكل أسرة.
ومضت الصويان في حديثها قائلة: إن هناك من ينادون بنظرية «لا للعمل والإنجاز والإيجابية في الحياة، ويسعون لتقديس فكرة الموت والتشجيع عليه، والتأكيد على تفاهة الحياة الدنيا والسعي إلى التعويض في الحياة الآخرة»، معلّقة على ذلك بمقولة «كلما حرم الشخص من ممارسة الحياة زاد تعطشه لممارسة الموت»، مختتمة حديثها بالتأكيد أن المجتمع بحاجة إلى بناء منظومة ثقافية جديدة تنطلق من حب الحياة والإقبال عليها.
كما تحدث الدكتور محمد الدحيم عن «الترفيه من زاوية فلسفية»، الذي قدم خلال مشاركته رؤية تقاربية بين مفهوم الترفيه والفلسفة من جانب آخر، مشيراً إلى ما يمثله هذا الترابط من جانب مفاهيمي، ومن جانب اجتماعي كممارسات يومية يعيشها الأفراد والمجتمعات جيلاً بعد جيل، عبر تشكل رؤيته الفلسفية للترفيه، التي تعد بمثابة الإطار حياتيا، وما يشبه المرجعية لديه بقصد أو بدون قصد.. مستعرضاً العديد من الرؤى الفلسفية ومظاهر الرؤية الفلسفية عندما ترتبط بالترفيه في حياة الشعوب، والأفراد، مشيراً إلى ما تمثله هذه الرؤية من منطلق مهم في نقل حالة الترفيه من حالة إلى أخرى.