صلاح بن سعيد الزهراني ">
يعد التواصل الاجتماعي من الأهمية بمكان، ولا يمكن أن تسير الحياة البشرية دون تواصل الناس مع بعضهم البعض، ودون هذا التواصل يعيش الإنسان بمعزل عن الآخرين وهو أمر لا يمكن تصوره، فحياة الإنسان نوع من التعاون والتكامل فكيف يكون هذا دون تواصل؟ والتواصل الاجتماعي يحقق من الغايات ما لا يمكن إدراكه بدونه، وهناك مقولة تقول: «الإنسان مدني بطبعه» وتعني أن الإنسان يعيش في جماعة ولا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الآخرين، لذا فهو يؤثر ويتأثر بمحيطه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والفكري والديني والسياسي والإنساني قبل ذلك كله، فالتواصل يحقق الغايات الإنسانية الفطرية فيأنس الإنسان بهذا التواصل ويتفاعل مع مجتمعه الصغير وهو الأسرة ومن ثم الكبير وهو الوطن، والتواصل دليل على سلامة اللحمة والنسيج المجتمعي وديناميكية الحياة، ويعرفه البعض بأنه سلوك إنساني يصقل شخصية الإنسان وينقيها ويثريها وينمي مهارات الاتصال وتبادل المعلومات والتعبير عن النفس والمشاعر الإنسانية.
وفي الزمن الجميل كان التواصل بين الناس سمة من سمات المجتمع الإنساني المسلم فكان الجار يسأل عن جاره والمرء يسأل عن ذويه للاطمئنان على أحوالهم وكانت هذه طبيعة العلاقات الإنسانية والترابط الأسري التي تجمع القلوب وتوحد الصفوف في مواجهة الأزمات ونوائب الدهر، والمبادرة إلى مساعدة الضعيف ومد يد العون للمحتاج ومساندة الفقراء والمعوزين وهو ما يحقق المقاصد الإنسانية والدينية، ورغم شيوع وسائل الاتصال الحديثة أصبح التواصل صعباً مع سهولة الاتصال فقد كثرت المشاغل الإنسانية ولم يعد المرء يسأل عن أخيه وأمه وأبيه ومع طفرة التقدم التقني زادت المشاكل وهموم العصر وأصبح الوقت مهدراً في التنقل بين التطبيقات المختلفة وبرامج التلفاز والهاتف المحمول وغيرها، حتى عيادة المرضى أصبحت عبئاً على كاهل البعض بما فيها من تكلف باقات الزهور أو الشيكولا رغم أن المريض ليس بحاجة إلا لابتسامة ودعوة صادرة من قلب مخلص، فما أحوجنا للعودة لقيمنا الراسخة وعاداتنا الجميلة مع عدم الإسراف في مظاهر الكرم، فإن لم يكن التواصل من سنن الحياة فهو سلوك حضاري للمسلم وحسبنا في ذلك سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن جاره اليهودي الذي اعتاد إيذاء النبي فكان ذلك سبباً في إسلامه، لذا أرجو أن نعود إلى عاداتنا في الزمن الجميل وإشاعة جو المحبة والبهجة في النفوس بالتقاء الأهل والأصدقاء، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.