إبراهيم الطاسان ">
لا يسع المقام (الحيز المتاح) استعراض واجب الآباء تجاه أبنائهم، وهي الواجبات التي تبدأ من اختيار الزوجة الصالحة (الأم) فهي المدرسة الأولى ،بينما الأب هو الراعي الذي تقع على عاتقه مسؤولية الرعاية الكلية من غذاء وكساء وتربية وتعليم وتأديب، وتوجيه ونصح وإرشاد.
ولكن هل هذا كاف؟ ربما كان هذا كاف في زمن الآباء والأجداد ،وقبلهم زمن الأصمعي المنسوب عنه قوله:
«وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ماكان عوده أبوه»
أما زماننا الحاضر فليس بكاف العناية بالأولاد حتى بلوغهم سن الرشد أو الاستقلال المادي.
وعدم كفايته نتج عنه فجوة بين الأبناء والآباء. هذه الفجوة سبب من أسباب كثير من عثرات الأبناء، وربما هي سبب من أسباب الانحراف بمختلف صوره ومآلاته غير المحمودة، حين يترك للأبناء حرية التصرف بوقت فراغهم الناتج عن الفجوة بينهم وبين آبائهم بعيدا عن الرقيب. فماذا يمكن توقعه من التصرفات التي يريدها الأبناء من الآباء لسد الفجوة بينهم؟ ببساطة يريدون أن نلعب معهم وأن نعيش زمانهم ونحاكي ظروف عصرهم في سبيل خلق التلاحم المجتمعي وسد الفجوة، علينا كمجموعات في الأحياء أن نخترع ممارسات اجتماعية تتيح الاختلاط بين الآباء والأبناء في نشاطات اجتماعية جماعية.
كأن يخصص الحي يوم في الأسبوع يكون يوم منافسة بين خليط من الآباء وأبنائهم في ممارسة لعبة رياضية فى ملعب الحي أو القرية، يتنازل خلالها الآباء لأبنائهم ليقفوا في مواجهتهم في اللعبة ويختلقوا الحماس طلبا للفوز باللعبة، ليسقطوا هيبة الأبناء من ممارسة هواياتهم أمام آبائهم، مما يتيح للآباء التعرف على جلساء أبنائهم ورفاقهم ،وبنفس القدر يتعرف الأبناء على آباء زملائهم لخلق الإلفة بين الجيلين. وحينما تتخلق الألفة تسقط الأقنعة وتزول الرهبة ويحل محلها الثقة والصراحة، فنحن اليوم بكل أسف نجد آخر علم الكثيرين منا بابنه حين سحب باب المنزل من ورائه خارجا لا يعلم الأب مع من وإلى أين هو ذاهب ولا متى سيعود، أصبحت الاستراحات ملاذا للشباب يتوارون وراء حيطانها لا يعلم داخلهم وخارجهم وعلى أي شيء يجتمعون ولمن يستمعون.. ولو تم تتبع من انحرفوا لوجد للجلساء والمتحدثين إليهم دور في انحراف السلوك.. ولا سبيل لتشجيع الشباب على مصارحة وشفافية ظروفهم إلا بزرع عدم الكلفة بينهم وبين آبائهم بتخصيص وقت عام يكون كل أبناء وآباء الحي أصدقاء تجمعهم المنافسة فيما بينهم... العبوا مع أبنائكم ولو خسرتم الجهد الجسدي ووقار كبر السن فأنتم الفائزون..