د. زايد الحارثي ">
بدعوة كريمة من عبدالرحمن بن صالح الشتيوي مؤسس كليات بريدة الأهلية لشخصي بمناسبة منحي جائزة الخريج الدولي المميزة للعلماء من جامعة مينسوتا الأمريكية، استجبت للدعوة، وقد أكرمني الله بزيارة جزء عزيز غالٍ من وطننا الحبيب (القصيم)، وعلى وجه الخصوص مدينة بريدة؛ إذ كليات بريدة الأهلية وكليات القصيم الأهلية تحتل ذكرى مميزة في حياتي حين شاركت كلية التربية بجامعة أم القرى قبل سنوات عدة في تقديم برنامج الدراسات العليا التربوية، وكنت حينئذ عميداً للكلية، وترددت بحكم المسؤولية على مدينة بريدة مرات عدة، وفي كل مرة يزداد تعلقي بها وبأهلها الكرام. ولا بد من التوقف في البداية عند الرجل أو الرجال الذين كان لهم قصب السبق في المبادرة والريادة لإنشاء كليات بريدة الأهلية وكليات القصيم الأهلية خدمة لأبناء الوطن وتعريفاً بالمنطقة، وباعتباري شاهداً على الحدث والإنجاز في تنفيذ برامج الدراسات العليا، وكذلك الكليات العلمية التخصصية. فقد كانت بداية قوية ومؤشراً مميزاً للنجاح؛ ذلك أنه توافرت فيها النية الصادقة المخلصة والإرادة الواعية المقتدرة الممثلة في شخص مؤسس الكليات عبدالرحمن الشتيوي وزملائه المشاركين، مثل سعد العيدان، اللذين قدّما نموذجاً للريادة في ميدان التعليم العالي الأهلي، وكذلك التعليم العام الأهلي. ومن هذا المنبر، وبحكم الخبرة الشخصية، فإني أود أن أشيد بهذا المشروع الذي بدأت ثماره تؤتي أكلها بشكل مميز، سواء أكانت تلك المخرجات على مستوى برامج البكالوريوس أو برامج الدراسات العليا.
وما بين ترددي على كليات بريدة الأهلية سابقاً وزيارتي الحالية وجدت فرقاً شاسعاً من التطور والتقدم التربوي والتعليمي ممثلاً في المشاريع الجامعية بكليات بريدة الأهلية، كليات القصيم الأهلية، كليات عنيزة الأهلية وكليات النهضة. وكل مشروع يعد نواة لجامعة. وفي الجانب الآخر نجد المدارس الخاصة المميزة (الزرقاء) والمدرسة الدولية والمدارس الأخرى. وأنا على يقين بأن مثل هذه المشاريع من رجال الوطن المقتدرين، مثل مالكي كليات بريدة والقصيم وعنيزة الأهلية، سوف تُحدث نقلة نوعية في التعليم بمنطقة القصيم، بل إن التخصصات المختارة للدراسة مثل الطب وطب الأسنان والهندسة والقانون هي ترجمات تحاكي حاجة المنطقة بل حاجة الوطن.
أما مشروع الدراسات العليا في كليات بريدة والقصيم، الذي نُفّذ باشتراك مع جامعتين رائدتين في الميدان، هما أم القرى وجامعة الملك عبدالعزيز، فقد بُني على أساس سليم ومتين، وقد كان لكاتب هذه السطور شرف المشاركة في التأسيس والتدريس والإشراف.
وأحسب أنه قد حقق هدفه في مرحلته الأولى. وقد شهدت بنفسي تزاحم المتقدمين من أصحاب الخبرات التربوية وغيرها من أبناء المملكة المختلفة، الذين حرصوا على الالتحاق بالبرامج التربوية المختلفة حتى أنه لم يكن يقبل إلا ربع العدد من المتقدمين تقريباً؛ وذلك نظراً لشدة التنافس، وكذلك لارتفاع معاير القبول.
أما المدارس الخاصة التي شرفت بزيارتها والاطلاع على برامجها فقد سرني مبانيها ومحتواها.
ولقد استوقفني الترجمة الحقيقية لمعنى الوطنية لهؤلاء الرواد ملاك المدارس؛ إذ خصصوا مقاعد مجانية في المدارس لأبناء الشهداء وأبناء المرابطين على الحدود الجنوبية، وكذلك للمميزين. وهذه - وأيم الله - ترجمة حقيقية لما ينبغي أن يكون عليه الرواد والمستمتعون بلذة الانتماء لهذا الوطن العزيز.
فمن هذا المنبر أهنئ عبدالرحمن الشتيوي وسعد العيدان وشركاءهما على هذه المبادرات وهذه الروح الفياضة والحب والولاء والانتماء للوطن الحبيب. بارك الله فيهما، وأكثر من أمثالهما، في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه -.
ولا يجب أن أغادر هذه السطور من دون أن أقدم واجب الشكر والامتنان والإشادة بحضور المجلس الكريم الذي نظمته ديوانية عبدالرحمن الشتيوي وأبناء المرحوم - بإذن الله - صالح بن عثمان الشتيوي؛ فقد كان تكريماً يليق بأصحاب المنتدى العامر من كرام القوم وإيمان أهل بريدة والقصيم، وعلى رأسهم المحافظ رميح الشتيوي محافظ البكيرية وبقية الإخوة الذين أكرموني وأحاطوني بكريم الرعاية والحفاوة، وأتاحوا لي الحديث عن الجائزة التي منحتني إياها جامعة مينسوتا الأمريكية، وكذلك تجربتي في التعليم في أم القرى وفي الملحقية في ماليزيا.
- الملحق الثقافي بماليزيا