د. محمد عبدالله العوين
وافق مجلس جامعة الدول العربية في دورته الخامسة والأربعين بعد المائة على تصنيف «حزب الله» اللبناني بأنه إرهابي، مع تحفظ وزير خارجية لبنان جبران باسيل والعراق إبراهيم الجعفري!
أما لبنان وجبرانه وحزبه وحسنه فقد أشبعه كتابنا الوطنيون تحليلا وتشخيصا، وكتبت عنه في هذه الزاوية مقالات عدة أبنت فيها تشابك مصالح ميشيل عون وصلته العميقة بنظام بشار وتعاونه مع حزب إيران في لبنان وأمينه العميل الفارسي المدعو حسن نصر الله، في سبيل أن يتحقق طموح هذا الميشيل الأخرق في الوصول إلى قصر بعبدا، وترشيحه ودعمه لنسيبه الشاب المندفع بجنون نحو تحقيق ذاته أيضا وربما الوصول يوما إلى بعبدا كعمه ميشيل لو نال ما ابتغى وسعى إليه.
أما وقد أشبعنا لبنان حديثا وزكمنا أنفسنا بزبالاته السياسية وقمائمه الطائفية والحزبية وعمالات بعض سياسييه، وأصدرت المملكة حكمها القاطع عليه في هذه المرحلة البائسة من تاريخه التي يقبع فيها تحت هيمنة إيران؛ فسحبت قيادة بلادنا يدها منه وتخلت عنه تاركة لعقلائه الخيار في البحث عن طريق للنجاة من مستقبل تائه حالك مظلم، وما سحبت بلادنا يدها من بلد من بلدان العرب المضطربة التي تمر بتنازع وشد وجذب بين أقطاب إقليمية أو دولية كلبنان وسوريا؛ إلا هوت في بؤرة الفوضى والدمار والتفكك؛ كما هو الحال في سوريا ولبنان مع الأسف.
أما والأمر كذلك؛ لنتوقف قليلا عند دعي آخر غير جبران باسيل، وما أكثر الأدعياء في ديار نخرها سوس الفرس كالعراق ولبنان وسوريا حتى لم يعد يظهر متحدثون عرب أقحاح من البلدان الآنفة الذكر التي كانت عربية خالصة عميقة الانتماء إلى تاريخها العربي حتى وصلتها السوسة الفارسية بعد ثورة الخميني المشؤومة 1979م فراحت عقدا بعد آخر تتخلى تدريجيا عن عروبتها مع تعمق الخلايا والتنظيمات الإيرانية فيها، ونجاح كثير من الأحزاب الطائفية العربية اسما والفارسية جوهرا ومضمونا وتوجها في الوصول إلى السلطة؛ كما هو الحال في العراق بعون من أمريكا بعد الاحتلال 2003م أو بولاء طائفي وشعوبي متأصل في النظام كما هو الحال في سوريا مع عائلة الأسد، أو مع استبداد هيمنة لإيران في لبنان عن طريق وكيليها بشار ونصر الله.
ووفق هذا المدخل الذي لا بد منه لفهم حالة هذه الدول المحتلة من إيران؛ يتحفظ إيراهيم الجعفري وزير خارجية العراق على إصدار بيان جامعة الدول العربية المتضمن وسم «حزب الله» بصفة الإرهاب، ووضع «الحشد الشعبي» في خانة مرتكبي الجرائم إلى حد أنه يمكن تقديم زعاماته إلى محكمة الجنايات الدولية كبشار الأسد.
اتخذت إيران في خطة عملها لتصدير هيمنة ولاية الفقيه إلى الدول العربية خطاب الممانعة ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والأراضي المحتلة من لبنان، ورفعت عاليا تلك الشعارات البراقة على لسان حزبها في لبنان، وأعلنت - كذبا - عداءها لأمريكا التي كانت تنعتها بالشيطان الأكبر؛ وذلك لاستجلاب الأتباع ممن يمكن أن ينخدعوا بتلك الشعارات العاطفية، وباسم الممانعة المزعومة والمقاومة المسرحية التي مثلها حزب الله باشتراك مع إسرائيل؛ لمنحه بطولة متوهمة حقق الحزب ومن ورائه إيران انتصارات إعلامية أمكن معها الوصول إلى مناطق مهمة وعميقة في الجسد العربي؛ كتشكيل خلايا وصناعة أرضية لقبول الأفكار التي يرميها الإعلام الفارسي وأتباعه في الشارع العربي.
وينطلق الجعفري مما أكده الخطاب الإعلامي الفارسي؛ فيصف الحشد الشعبي وحزب الله بأنهما « حافظا على كرامة العرب ومن يتهمهما بالإرهاب هم الإرهابيون «!
ولا غرابة أن يرفض إبراهيم الجعفري إدانة هذين الطرفين المهمين من أطراف العمل الفارسي في المنطقة العربية وهو نفسه أحد الأطراف الفاعلة المؤثرة في هذا السبيل، وسجله الإجرامي في حق العرب السنة من شعب العراق أسود مخز لا يمكن ستره أو تغطيته بغربال.
وبتتبع تاريخ هذا الوزير الذي زفته إيران إلى مقاليد السلطة في العراق بعد أن سلمه إياها بريمر تتكشف جرائمه التي ارتكبها إبان رئاسته للحكومة 2005م.
يتبع..