الموت نهاية كل حي والجميع يستبعد لحظاته والموت هادم اللذات ومفرق الجماعات، وهذا المفرق كان على موعد مع رجل كريم صاحب قلب نقي وسيرة عطرة هو الشيخ الوقور ذعار بن كبيشان السيحاني، أحد كبار رجال قبيلة السياحين بشقراء قدراً وسناً، داهمه الموت في لحظات وانتقل إلى جوار ربه وصلى عليه جمع كبير بجامع المهنا بشقراء. كان أبو إبراهيم - رحمه الله - رجلاً فاضلاً تقياً طيب القلب لا يحمل حقداً على أحد وسيرته طيبة وعطرة، ورغم كبر سنه إلا أنه كان متواضعاً ومبتسماً مع الصغير والكبير محبوباً من الجميع، افتقده الجميع وخاصة جماعة المسجد، فقد روى لي أحدهم أن مكانه خلف الإمام ظل محجوزاً له فهو أول الواصلين للمسجد حتى وفاته، عندما يحدثك عن أي أمر وخاصة عن تجارب الحياة، فإن حديثه واقعي ومنطقي، وبالتالي تجد متعة في مجلسه بعد كل مغرب لجيرانه وأبنائه وأسرته وأصدقائه، وكان - رحمه الله - مثالاً في الوفاء منذ كان شاباً وحتى تقدم به العمر، فكان وفياً مع معارفه وأصدقائه داخل شقراء وخارجها يزورهم ويسأل عنهم، فبادلوه الوفاء بالوفاء، حيث يأتيه أصدقاؤه من الدمام والكويت، كما أمضى أكثر من خمسة وعشرين عاماً ما بين مؤذن وإمام في مسجد حيه الذي يسكن فيه، فقد كان هادئ الطبع سمحاً وقوراً لا يتكلم في أحد إلا بخير، محباً لتلاوة القرآن الكريم باستمرار في بيته ووقت فراغه في مقر عمله عندما كان يعمل في إحدى المدارس، وقد أحبه من عرفه أو تقابل معه لسجاياه الطيبة مقدراً للكبير وعطوفاً على الصغير، يتفهم رغم كبر سنة أمور الشباب والتعامل معهم بكل احترام حتى مع أبنائه، حيث رزقه الله بأبناء صالحين ومتعلمين، فمنهم الذين انخرطوا في سلك التدريس والعمل الحكومي، وكانوا خير الأبناء البارين بوالدهم السائرين على نهج والدهم، المتمثل في المحافظة على تعاليم الدين الإسلامي والقيم المثلى في التواد والتراحم، فهذه والله الحياة والتربية السليمة الصالحة، إذا اقتفى الأبناء سيرة والدهم العطرة نحو الخير والصلاح. لازلت وأنا أكتب هذه السطور أتذكر إشراقة وجهه رحمه الله، عندما أقابله أو أحضر لمجلسه الذي يشع بالنور، وابتسامته التي يقابل بها زائريه وسؤاله عنهم، إنها منتهى النقاء والمحبة التي تملأ جوانحه نحو الآخرين. رحمك الله أبا إبراهيم رحمة واسعة وأسكنك الفردوس الأعلى، وأنار قبرك وجعله روضة من رياض الجنة، وتعازينا الحارة لإخوانه الأعزاء، الأخ حمودأبا راكان» والأخ عيد «أبا عمر» أحد رجال التعليم وإلى ابنه الأستاذ ناصر أحد منسوبي التعليم، والأستاذ عبد الله عضو مجلس إدارة نادي الوشم الرياضي وأحد منسوبي التعليم، والأستاذ عبد العزيز عضو المجلس البلدي بشقراء، وبقية أبنائه الكرام وأبناء شقيقه المرحوم محمد بن كبيشان السيحاني وأسرتهم الكريمة. فإلى جنة الخلد أبا إبراهيم عليك شآبيب الرحمة من رب غفور يا صاحب القلب النقي والسيرة العطرة {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
محمد المسفر - شقراء