أتابع ما تنشره صحيفة الجزيرة في صفحة المحليات باستمرار حول علاقة المدارس بأولياء أمور الطلاب فتواجه المدارس في بلادنا معاناة متواصلة مع بعض آباء الطلاب السلبيين؛ الذين لا يلتزمون بنظامها، ولا يحرصون على التواصل معها، مما يعيقها عن اكتمال دورها، ويؤخرها عن تحقيق أهدافها، خصوصاً تلك التي تقع في المواقع المزدحمة، والأحياء الشعبية الفقيرة.
ولعل أغلب أولياء الأمور يدركون مهام المدرسة، ويؤمنون بمبدأ الشراكة التربوية في تدبير الحياة المدرسية، حيث تجد بينهم من يهتم بغرس السلوك الديني في نفوس أبنائهم، وتنمية الدافع المعرفي لديهم، كما تجد بينهم الحريص على مساندة المدرسة، ودعم معلميها؛ مما يسهم ذلك في دفع عجلتها، وتحسين أدائها، وتجويد نتائجها، والرقي بجميع برامجها.
ولكن يوجد بين الآباء من يغفل عن مسؤولياته، ويتهاون في أداء دوره التربوي تجاه أبنائه، وقد تجد بينهم الجانح نحو المدرسة وطلابها والعاملين فيها، خصوصاً الذي لديه حساسية مفرطة تجاه أي فعل أو ردة فعل نحو ابنه، فلا يقبل من أحد توبيخه أو توقيفه إذا أخطأ؛ فيأتي إلى المدرسة ثائراً منتفخاً، ومهدداً متوعداً.
كما يوجد من أولياء الأمور من لا تفلح فيه المكاتبات، ولا تجدي معه الاتصالات؛ في ضرورة حضوره إلى المدرسة لأمور تخص ابنه، فيتعلل بكثرة الأشغال، وضيق الزمان، وهي حجج واهية، فتربية الأبناء صلاح في الحياة، ودعوات في الممات، وفي الحديث النبوي الشريف: (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ).
أما دخول بعض الآباء للمدرسة بملابس غير لائقة، أو التدخين أمامها، أو الوقوف الخاطئ بالسيارة أمام بوابتها؛ فتلك ظاهرة يومية تشاهدها أمامها، وما علموا أنهم شركاء في التنشئة والتنوير، ومسؤولين عن التربية والتبصير.
كذلك فإن لدى كل مدرسة إشكالات كثيرة مع بعض الآباء غير الجادين، منها : ضعف الاهتمام بمتابعتهم دراسياً وسلوكياً، والتأخر المتكرر عن إحضارهم للمدرسة، والتأخر في استلامهم وقت الانصراف، أو تغييبهم دون سبب مقنع، وعذر وجيه، أو أن يتوجه بعضهم إلى غرفة فصل ابنه مباشرةً ؛ دون المرور على إدارة المدرسة، مما يعيق الأداء، ويشوش على العطاء.
بل وقد تجد من ولي الأمر المتهور حكماً جائراً على مدرسة كاملة؛ فيوصمها بالفشل، ويرميها بالسقوط، دون تحديد لنقاط الخلل، ولا بيان لمواطن الزلل، وهو الذي له الحق في إبداء ملاحظاته، وتقديم مقترحاته؛ وبما يخدم مسارها، ويفيد طلابها.
وقد يستعين بعض الآباء بالمدرس الخصوصي لعلاج القصور التحصيلي لدى أبنائه، مما ينتج عنه سلبيات كثيرة؛ كضعف العلاقة بينهم وبين المعلمين، وتحول الاهتمام إلى الاختبارات فقط، والتعامل مع الخبرات التعليمية في داخل هذا الإطار فقط.
فيا أيها الأب الحنون، يا صاحب القلب الوسيع ؛ أنت تركض كل يوم بفلذات كبدك إلى المدرسة؛ فاعلم أنك لن تقرّ عيناك بهم؛ ما لم تكن المثال المحتذى؛ أدباً وخلقاً، علماً وطموحاً، صدقاً وإخلاصاً.
كما أنك لن تصل إلى تطلعاتك المستقبلية فيهم؛ ما لم تساعد المدرسة على تربيتهم ،وتشاركها في تعليمهم، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه؛ أحفظ ذلك أم ضيّعه).
سعود القحطاني - الرياض