تبذل هيئة تقويم التعليم العام كافة الجهود لرفع مستوى جودة التعليم في المملكة عبر إطلاق مبادرات ومشاريع تختص بالطالب والمعلم والمناهج والاختبارات والمخرجات التي ستنطلق إلى سوق العمل، وتعمل الهيئة جاهدة على إشراك المعنيين في جهودها والأخذ بآرائهم ومقترحاتهم للوصول لأفضل النتائج، وكذلك نشر الوعي بينهم حول مشاريعها.
ومن المشاريع التي أطلقتها الهيئة مشروع المعايير المهنية ورخص المعلمين، الذي يهدف إلى رفع جودة التعليم من خلال رفع جودة أداء المعلم والعاملين في التعليم عن طريق بناء وتطبيق نظام المعايير المهنية، نظام الرخص المهنية، واختبار كفايات، حيث يسعى المشروع للشراكة مع الميدان التربوي، وذلك عبر إطلاق مبادرة سفراء «معلمونا» الموجه الى الميدان والذي يهدف إلى تعريف المجتمع بمعايير المعلمين المهنية، ونشر الوعي بها.
وقد عبر عدد من المشاركين في مبادرة «سفراء معلمونا» عما ستقدمه هذه المبادرة لميدان التعليم التربوي ودعم مكانة المعلم، حيث يقول: المعلم بدر الصبحي في ثانوية ابن حزم، إن المجتمع يبخس حق المعلم الذي هو المصدر الأول للمعرفة وهو حجر الزاوية لنهوض أي مجتمع، وذلك ربما لأسباب اجتماعية، واقتصادية، ونفسية. فيما يقول طارق الصباح رئيس قسم اللغة الإنجليزية في الإدارة العامة للتعليم بمنطقة تبوك، إن ثقافة المجتمع هي التي تحدد النظرة للمعلم وتقدير جهوده ومكانته.
وحددت منال غالب - معلمة - أسباباً ترى أنها أدت إلى التقليل من مكانة المعلم ألا وهي: عدم وجود حقوق واضحة للمعلم تحفظ كرامته، وإغفال الوالدين لغرس احترام المعلم في نفوس الأبناء.
ويستبشر المعلمون بمشروع المعايير والرخص المهنية الذي سيمهن التعليم ويرفع من جودته في السعودية، فبحسب رأي المعلمة منيرة حمدي فإن هذه المعايير ستحدد الأطر التي على أساسها سيُختار المعلم الكفء ومن ثم تحديد مسار نموه المهني، فيما يراها الأستاذ حسين غروي بأنها ستكون دافعاً للمعلم كي يرفع جودة أدائه للحصول على رخصة مهنة التعليم مما يعود بالنفع على الطالب والعملية التعليمية ككل.
وفي السياق ذاته يقول المعلم سعيد المليحي إن المعايير تساعد المعلم في معرفة نقاط ضعفه فيعالجها ونقاط قوته فيعززها، وللمعلم بدر الصبحي تجربة مفيدة حول هذا الموضوع، فقد عمل كمعلم لمدة فصل دراسي واحد في الولايات المتحدة الأمريكية وكان له تجربة بسيطة مع معايير TESOL لمعلمي اللغة الإنجليزية وعميقة مع معايير WIDA و CELTA فوجد أن المعايير لها أثر كبير في إبراز الحس الإبداعي في الإطار العام وعدم التقيد بالكتاب المدرسي من حيث الحيثيات البسيطة؛ ولهذا ينتقل المعلم من دور الملقن إلى دور المبدع في المادة العلمية.
ويعتقد الصبحي أن المعايير ستسهم في بث روح التنافس بين المعلمين في الميدان والاجتهاد بين المقبلين على مزاولة المهنة بشرط سد الفجوة بين الفصل الدراسي وكليات التربية، ومن هذه الآراء نرى إجماعاً تقريباً على أن المعايير سترفع جودة أداء المعلمين وستجعلهم يبذلون جهوداً مضاعفة لرفع مستواهم وتطويره مما سيعيد لهم هيبتهم ومكانتهم المفترضة كورثة للأنبياء.
كما أجمعوا على أن رخصة المعلم ستساهم في تحقيق جودة التعليم من خلال رفع مستوى جودة الأداء لدى المعلم بشرط أن تكون بعيدة تماماً عن المجاملة أو التغاضي عن أي من الأساسيات في العملية التعليمية، وأن تفرق بين معلم مبتدئ ومعلم خبير، وبشرط توعية المعلم أثناء المرحلة الجامعية لتكوين نظرة عميقة لهذه الرخصة واختباراتها ويجب أن يكون هناك تعاون مشترك لسد الفجوة بين كليات التربية والمدارس.