من مرابع امرئ القيس إلى منازل حاتم الطائي ">
المشهد الطللي ما بين (يذبل) وبرقة ثهمد
الأربعاء 17 أبريل 2013م
في الطريق إلى جبل (يذبل) أو ما يسمى بـ(صبْحا) حاليا
مررنا على بعض البدو لشراء (طلي) ووصلنا إلى (يذبل) بعد تحركنا من استراحة: (النخيل) على طريق الطائف - الرياض (452كم) غرب الرياض
مررنا على كوبري (جسر) إلى طريق صحراوي يؤدي إلى (صبحا) وسرنا في الصحراء المترامية.. كانت مليئة بالحصى والرمال، وبعض التلال الصغيرة مسافة 25كم حتى تجلى أمامنا يذبل تحاصره رمال النفود.
المكان حافل بأشجار (السمر) و(السلم)
برقة ثهمد
الأربعاء 17 أبريل 2013
الساعة الآن 8.43 مساء.
نحن بالضبط أمام (ثهمد) وبرقة ثهمد التي ذكرها الشاعر طرفة بن العبد في مستهل معلقته حين قال:
خولة أطلال ببرقة ثهمدِ
تلوحُ كباقي الوشم في ظاهر اليدِ
توقفنا أمام برقة ثهمد، لنصورها صباحا. سنبيتُ ليلتنا في انتظار الصباح.
كنا قد انطلقنا من (صبحا) حيث جبل (يذبل) في اتجاه (برقة ثهمد).
عند جبل (يذبل) توقفنا دقائق لتصويره حيث قام المصور طارق المطلق بتصويره من عدة زوايا، وقمت بالتقاط بعض الصور لهذا الجبل الذي شدّ إليه امرؤ القيس النجوم تعبيرًا عن طول الليل:-
فيالكَ من ليلٍ كأنّ نجومَه
بكل مغار الفتْل شُدّتْ بيذبلِ
الجبل ممتد وبه بعض البقاع البيضاء، وهو جبل عالٍ على هضبة مرتفعة كأنه يعانق السحاب.
وهو جبل متعرج به بعض البروز العالية التي يمكن ربط الحبال بها بشكل حقيقي. ربما استلهم امرؤ القيس هذه الصورة من هذا البروز الذي يصلح لربط حبال به.
امرؤ القيس جاء ب»يذبل» في موضع تشبيه أو في أجواء حالة تشبيهية شعرية.
هذه الحالة التي هيمنت على البعد التصويري لليل عند امرئ القيس.
يقع الجبل في منطقة ينبت فيها نبات (الرمث) بكثافة وهي على بعد 172كم من برقة ثهمد.
وقد اختلف بعض البلدانيين في تحديد مكان (يذبل) لكن يبدو أن هذا هو المكان الذي ذكره امرؤ القيس بشكل حقيقي في معلقته.
بعد ذلك تحركنا من (يذبل) باتجاه برقة ثهمد على بعد 172كم. بدأت الأمطار في الهطول الكثيف، ثم الخفيف. واصلنا الطريق حتى استراحة على الطريق زودنا فيها السيارات بالبنزين واشترينا بعض المياه.
زاد هطول الأمطار وعصفت الرياح بشدة، أوقفنا السيارات قليلا، ثم واصلنا السير حتى وصلنا إلى المكان الصحراوي الذي يقع فيه جبل (ثهمد) وأمامه «البرقة» التي كانت بها ديار «خولة» عبارة عن مجموعة أطلال لديار بُنيتْ بالحجر لا بالطين. ولم يتبق منها سوى أطلالها االمطمورة، ويظهر منها بقايا الحجارة والحصى.
كان المكانُ مظلما على الرغم من النجوم القريبة، والقمر في منتصف منازله. ليلة 9 جمادى الآخرة 1434هـ.
اخترنا مكانا ملائما للمبيت أمام جبل (ثهمد) وأوقفنا السيارات وفتحنا الكرافان للمبيت، وبعد أن أدينا صلاة العشاء وأعد الدكتور عيد اليحيى والطباخ الهندي طعام العشاء: «لحم وأرز».
وتناولنا القهوة والشاي ثم صعدنا للنوم، ونام بقية الرفاق في منامات معدة للنوم على الأرض وفوق السيارة الداتسون، فيما نام ثلاثتنا في الكرافان: الطباخ الهندي، والدكتور عيد اليحيى وأنا.
كانت هذه الليلة باردة قليلا، شعرنا فيها بالبرد بدءا من الواحدة ليلا حتى السادسة صباحًا، لدرجة أن الطباخ الهندي «نوفل» رفع المرتبة القطنية فوقه واستخدمها كغطاء.
وأرقتُ أنا ليلًا واستيقظتُ في الثانية ثم الثالثة فالخامسة ثم الثامنة إلا ربع صباحا بعدها استيقظتُ وطويتُ الفراش وذهبتُ بعيدًا للخلاء ثم عدتُ فغسلتُ وجهي ويديّ وبدأتُ في تناول القهوة والشاي الذي أعده الزملاء. ثم قمتُ بتصوير جبل (ثهمد) وبرقته التي ذكرها الشاعر طرفة بن العبد في مستهل معلقته.
وجبل ثهمد جبل صغير ارتفاعه نحو 250-300 متر مشقوق إلى نصفين من الجانب الأيمن وأمامه توجد أطلال ديار خولة على البرْقة. هذا إذا كنت واقفا أمامه من جهة أطلال خولة.
و»البرقة» عبارة عن أرض رملية يختلط بها حصى الجرانيت والمرو وتختبئ داخل هذه الأرض الممتدة عروق المرو التي تحوي بداخلها عروقًا من الذهب.
ويتناثر على الأرض التبرُ، وتراب الذهب، ولكن بأحجام ذرية صغيرة جدا لا تكاد ترى بالعين المجردة وهي تحتاج لأجهزة فلترة لتنقيتها والحصول على كمية من الذهب، أما بقية الأرض فمليئة بنبات: «الرمث».
يتبع المكان إداريا محافظة الدوادمي القريبة من الرياض والتابعة بدورها لمنطقة الرياض.
بعد أن تناولنا طعام الإفطار: فول محبّش، ومربى، وعسل، وجبن، وشربنا الشاي والقهوة، تحركنا إلى حيث جبال: الغال.
ثم سنتحرك إلى رخام، ثم إلى خزازى بالقرب من منطقة القصيم.
وكلها جبال ذكرها «لبيد» في معلقته الميمية.
وسرنا قليلا، وتوقفنا في قرية «كبشان» للتزود بالماء وملء خزانات الماء بالسيارة الكرافان، وتم ذبح الطلي في مسلخ على الطريق بجوار محطة اسمها: «أبو لهب» حيث قام القصّاب السوداني بذبح الطلي وسلخه وتقطيعه، ثم قام الزميل حمد الرشيدي بوضعه في أكياس بلاستيكية ومن ثم وضعه بثلاجة الكرافان.
سنصل بعد قليل إلى جبل «غال» ونعسكرُ قليلا أو نعمل «كشّتة» بتعبير البادية.
ظهر الخميس 18 أبريل 2013 أمام قرية كبشان.
** ** **
هوامش
(جبال طخمة بجوار: الرغام
طخفة أو طخمة هي التي مرحنا فيها مدة 3 ساعات وتناولنا طعام الغداء من الطلي المذبوح.
توجد قرى: كبشان، والديرة، والحليوة، والقرارة وهي ديرة داخل الصحراء، وأم السخال ويقال إن تسميتها جاءت من أن هناك طائرا جارحا (صقر) يضرب السخل الصغار وهذه التسمية من 200 عام).
- عبدالله السمطي