موسمية الفعاليات التراثية تحد من المردود الاقتصادي للحرف التقليدية ">
الجزيرة - خالد العيادة / تصوير - فواز الروقي:
يوما بعد آخر تثبت الفعاليات التراثية بعبقها التاريخي حجم الشغف الذي يعيشه مرتادوها، ما ينعكس إيجابا على حركة المبيعات المتعاظمة لشتى المنتجات المرتبطة بالحرف والصناعات التقليدية القديمة، الأمر الذي يرى فيه مختصون اقتصاديون سوقا نوعيا يستوجب الاستدامة على مدى العام بعيدا عن موسمية الفعاليات أو ربطها بفترة مشاركة محددة قد تتعارض مع الأثر الاقتصادي النوعي الذي توفره، والمتمثل في حجم وطبيعة ومردود فرص العمل الحرفية النادرة، التي تتناغم مع متطلبات واحتياجات المرتادين والزوار والمهتمين بكل ما له علاقة بالماضي الأصيل.
«الجزيرة» رصدت التفاعل مع الفعاليات ذات الحراك الثقافي التراثي الاقتصادي، فكان أن علق الكاتب الاقتصادي فضل البوعينين قائلا: إنه من الممكن التركيز على الفعاليات التراثية من جانبين مهمين السياحة والأسر المنتجة. أما من الجانب السياحي وانعكاساته الاقتصادية على المجتمع من النتائج الإيجابية للمهرجانات ومنها «الجنادرية» الذي يصنف ضمن الفعاليات المهمة على مستوى المملكة ودول الخليج مما جعله قبلة للسائحين والمهتمين في شؤون الثقافة والتراث والانعكاسات الإيجابية على البيئة الحاضنة للمهرجان واقتصاديات الأسر المنتجة وللحرفيين. وأضاف أبو العينين أنني أكثر حرصاً ومطالبة بإقامة سوق جائمة للمنتجات التراثية ولدعم الأسر المنتجة طوال العام وأن يحدد يوم من كل أسبوع لإقامة سوق يضم المنتجات الشعبية والحرفية في موقع الجنادرية، فمدينة الرياض في حاجة ماسة للمناطق السياحية والأسواق الحاضنة لمنتجات الحرفيين والحرفيات ولتشجيع الأسر المنتجة على العمل والكسب إضافة إلى أن عملها يشكل دعماً للتراث والثقافة في الوقت الذي تمثل لها (الجنادرية) منفذا لتسويق منتجاتها وتوفير الدخل المالي.
وأوضح أبو العينين أن فترة إقامة المهرجان لا تتناسب البتة مع حجم الاستثمار الكبير فيه، بل أعتقد أن ديمومة المهرجان بعد أن تحول إلى مؤسسة ثقافية متكاملة بات مطلباً ملحاً خاصة وأنه أصبح المركز الثقافي الأكثر إشعاعاً في المنطقة وأن إطالة مدة انعقاده سيحقق الكثير من الجوانب الإيجابية خاصة للسياحة ودعم الحرفيين والأسر المنتجة وتوفير منافذ البيع المناسبة لتحقيق أرباح مالية مجزية. وكان قد بلغ العائد اليومي للمحال المنتشرة في مهرجان الجنادرية في نسخته الأخيرة بحسب التقديرات الـ 1.5 مليون ريال، ومن ذلك ما أكده باعة متخصصون في سلع وحرف معينة، ففي ركن القصيم قال البائع علي النشوان: لدينا أنواع متعددة مثل الكليجا، وكيك الدخن بالتمر والحنيني، ومبيعاتنا اليومية تصل إلى 5000 ريال أو أكثر في نهاية الأسبوع وقد تصل في نهاية الأسبوع أكثر من 10000 ريال، فيما يقول آخر يعمل في بيع الأحذية الجلدية القديمة اليدوية الصنع عن إقبال كبير على شرائها مع أن أسعارها قد تتجاوز 200 ريال للزوج الواحد. وفي جانب آخر قال صانع سيوف: ورثنا المهنة أبا عن جد وكذلك صناعة الخناجر إذ يصل سعر بعض السيوف إلى 30 ألف ريال وهي من الذهب فيما تراوح أسعار غالبية السيوف بين 1500 و 2000 ريال. وأبرزت جولة «الجزيرة» الزخم الاقتصادي الكبير للفعاليات التراثية والعائد الكبير للحرف المتنوعة، التي شملت شتى الاحتياجات والمتطلبات للأسر التي تجد في هذا النوع من المصنوعات عامل التصاق بالماضي العريق وملامسا للأصالة المتجددة في داخلهم، وليس أدل على ذلك من انتشار مطاعم بديكورات قديمة تعتمد ألوانا وأدوات اكل وزينة تراثية، تستهوي الزائرين الذين قد يشكل الجو العام مطلبا ملحا لهم بعيدا عن الأكل الشعبي التراثي في حد ذاته.