تنطلق أهمية الأمن الفكري من أهمية الأمن الشامل للدولة والمجتمع، وهو مطلب رئيس للحياة الآمنة والمستقرة، فحاجة الإنسان أن يعيش آمناً من الحاجات الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها في شتى جوانب الحياة، وتعتبر الحاجة للأمن الفكري من أبرز الحاجات وأهمها في عصرنا الحالي؛ لأن الدوافع المتعددة لممارسة الجريمة ومنها الجرائم الإرهابية المنتشرة في العالم وعانت منها المملكة لسنوات، تنطلق من فكر الإنسان وماهية تصوراته وقناعاته، وخاصة مع ازدياد المؤثرات الفكرية بعد التقدم الكبير في تقنيات الاتصال والإعلام ووسائل التواصل الإلكترونية.
وبما أن المسؤولية الوطنية والمجتمعية تقتضي تحقيق الأمن الشامل، فإن دور الجامعات محوري في ترسيخ الأمن الفكري بالعمل على تحقيق سلامة الفكر من الانحراف، على اعتبار أن الجامعات جزء من المنظمومة التربوية للمجتمع، تخدم أبناءه من خلال البيئة التعليمية، لكن دورها لا يتوقف عند قضية التعليم بل يتجاوزه إلى رفع مستوى الوعي الفكري لدى فئة الشباب الجامعيين ما بين سن الثامنة عشرة والرابعة والعشرين، وهي مرحلة مهمة وخطيرة في التكوين الفكري، ولذلك يعتبر الجانب الوقائي لهذه الفئة العمرية أمرا في غاية الأهمية، خاصة بما تضطلع به الجامعات من دور تربوي ومعرفي وتثقيفي، وما يقع عليها من مسؤوليات وطنية في تحصين أبناء المجتمع من خطر الأفكار المنحرفة والضالة وفق المنهج الصحيح والمعتدل، ووفق الأسس الوطنية والثقافية والاجتماعية لمجتمعنا السعودي.
وفي هذا الاتجاه الوقائي، حرصت جامعة حائل على بناء الوعي الفردي والجماعي لمفهوم الأمن الفكري وتحقيقه في مجتمع الجامعة، من خلال مشروع يتعلق بالثقافة الأمنية تمثّل بعدة جهود في مقدمتها: إطلاق أعمال كرسي الأمير محمد بن نايف للدراسات الأمنية، وإنشاء إدارة خاصة للأمن الفكري، وإصدار كتاب عن شبهات الإرهاب من تأليف د. أحمد الرضيمان، وتدشين العديد من البرامج الخاصة بالأمن الفكري تتضمن سلسلة من اللقاءات الحوارية والمحاضرات، حيث تم تخصيص أكثر من 60 محاضرة تفاعلية في مختلف الكليات، بالإضافة إلى بث حزم رسائل توعية في هذا المجال تستهدف الطلاب والطالبات، وذلك إيمانا من الجامعة بأهمية الأمن الفكري وضرورة تحقيقه في المجتمع، وستعلن الجامعة عن برامج أخرى في هذا الإطار بهدف الوصول إلى الغاية وهي «الفكر الآمن» لشبابنا الذين نأمل فيهم أن يحموا هذا الوطن المعطاء ويسهموا في بنائه وتنميته.
أ.د. خليل بن إبراهيم البراهيم - مدير جامعة حائل