هل قرأت يوماً سورة الشعراء بتدبّر وتمعن؟ هل سألت نفسك لماذا ختم الله كل قصة من قصص الأنبياء وأقوامهم بقوله: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}؟ إننا نريد بهذا النوع من الأسئلة أن نوقظ القلوب حين تقرأ كتاب ربها، الذي لا ينقطع مدده مع كثرة النظر فيه والتدبر في آياته.
فالله سبحانه وتعالى حين ذكر قصص أقوام أسيادنا موسى وإبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب، وذكر لنا كيف كفر كل قوم بالنبي الذي أرسل إليهم مع اختلاف الآيات التي أرسلت إليهم وتنوعها. ذكر سبحانه في ختم كل قصة من هذه القصص وبداية الأخرى قوله سبحانه: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} وهنا تذكير أولي بمقام العزة الذي لا ينبغي العبث معه، فمقام العزة يتطلب الخوف والمهابة كما أنه يزرع في النفس طاقة من الأمان ما دمت تطلبه.
ومع هذه العزة فإن رحمة الله جعلت الطريق مفتوحا كي يعود الناس إلى الله. فالله سبحانه وتعالى لا يأخذ العبد على جريرته بل يمهله ويعطيه الفرصة بعد الفرصة لعله يرجع إلى ربه، حتى يقيم مقام العزة لله - جل جلاله - على الوجه المطلوب، فهو سبحانه أمهل أقوام أنبيائه سنوات عديدة وهم يعصونه ويخالفون أمره، فعزة الله سبحانه وتعالى تقتضي أن يتحول الناس من حالهم إلى أفضل حال، من طريق مخوف إلى طريق آمن، ومن أهواء وشهوات إلى السبل الضابطة للحياة وهو سبحانه بعزته ينشر رحمته في كل مكان قابل التوب شديد العقاب.
وهذا تنبيه لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى أن ما حدث في الأمم السابقة من تكذيب وجحود فإن مقام العزة قد قضى بمحق من تعالى وتكبر وتجبر. وهي دعوة إلى جنة عرضها السماوات والأرض لمن اهتدى بهدي الرسل فيأمن الطائع فيها ويأمل الراغب إليها.
إبراهيم الأخضر بن علي القيّم - شيخ القراء بالمسجد النبوي