من مرابع امرئ القيس إلى منازل حاتم الطائي ">
الأربعاء 17 أبريل 2013
... الآن. نحن في استراحة اسمها:» النخيل» على الطريق السريع بين الطائف والرياض عند الكيلو 450.
نمنا في غرفة من غرف هذه الاستراحة، وهي عبارة عن غرفة واسعة خمسة أمتار في خمسة أمتار، مفروشة بموكيت أحمر اللون. فقط أحضرنا مفروشاتنا من السيارة وقضينا فيها مساء الأربعاء ليلة الخميس. بعد أن انتهينا من تصوير أماكن امرىء القيس في «سقط اللوى» و» الدخول» و»حومل».
لم نستطع الذهاب إلى «توضح» و»المقراة» لأن المكان الصحراوي الشاسع الذي يؤدي إليهما محاطة طرقه برمال النفود، الرمال الناعمة العالية التي لا تستطيع سياراتنا اختراقها والسير فيها، ولا توجد دروب معبّدة أو شعابٌ أو مسالكُ يمكن السيرُ عليها.
كان الوقتُ الرابعة عصرًا، حين استروحنا قليلا بعد أن قطعنا نحو 90كم في قلب الصحراء عند مجموعة من الشباب تستروح وترعى إبلها ويبيتون في «كرافان».
قدم لنا الشباب القهوة وحليب النوق. وقال لنا أحدهم: إن الطريق إلى توضح والمقراة خطر جدا ولابد من دليل.
كما أنه يحتاج إلى نوعية خاصة من سيارات « الجيب» الخفيفة حتى لا تغرز عجلاتها في الرمال، وسياراتنا ثقيلة لا تستطيع العبور خاصة السيارة التي نركبها أنا والدكتور عيد اليحيى فوزنها يتجاوز 3 طن مع التجهيزات التي تحتويها.
ولأن رمال النفود تحيط بمختلف الجهات التي تؤدي إلى توضح والمقراة، وخوفًا من شدة الإرهاق لو حاولنا من طرق بعيدة جدا قد تتجاوز ال 500كم ، فضلا على خوفنا من الضياع في متاهة الصحراء أو أن تغرز عجلات إحدى سياراتنا، قرر الدكتور عيد اليحيى إلغاء الرحلة إلى توضح والمقراة، والاكتفاء بما قمنا بتصويره من أماكن امرىء القيس: دارة جلجل، ماسل، سقط اللوى، الدخول، حومل.
ورأى أن نذهب إلى جبال «يذبل» في منطقة اسمها: «وضحاء» على بعد 127كم من مكان الاسترواح الذي جلسنا فيه مع شباب البادية.
بعد أن تناولنا القهوة، وتناول بعضنا حليب النوق، انطلقنا إلى الطريق السريع بين الطائف والرياض على بعد 104كم من قلب الصحراء، المكان الذي استروحنا فيه قليلا، وقد قمتُ بتصوير الإبل التي ترعى، ورأيتُ الجمل الصغير المولود توًّا، وكيف ينظر للحياة، وقيل لي: سيستمر يوما كاملا حتى يقف على أقدامه.
ورأيت وسمعتُ كيف تحنُّ الإبل، وصوت «الحنين» الصادر منها، وقمتُ بتصوير حركتها بكاميرتي الصغيرة، كما قمت بتصوير بعض مقاطع الفيديو بالكاميرا.
ووجدنا ناقة تبكي وتحنُّ حنينًا شديدًا لوفاة مولودها، وتذهب بعيدًا عنه ثم تعود إليه وتقف فوق جسمه المسجّى وتحنُّ حنينًا شديدًا.
انطلقت سياراتنا الثلاث باتجاه طريق الرياض - الطائف وبعد 104 كم وصلنا إلى الطريق المسفلت، وبحثنا عن استراحة نمضي فيها ساعتين لنغتسل ونستروح ، نغتسل من رمال الصحراء التي ملأت أجسادنا وثيابنا بعد العاصفة الرملية التي استمرت10 ساعات عند أماكن امرىء القيس: الدخول، وحومل، وسقط اللوى.
مكثنا بالاستراحة أكثر من ساعتين، واغتسل كل واحد منا وغير ملابسه وتناولنا بعض المشروبات والمياه الغازية والمياه الطبيعية والألبان والبيرة الخالية من الكحول.
ثم غادرنا هذه الاستراحة واسمها: استراحة الجديعي إلى استراحة أخرى أكثر ترتيبا وتنسيقا، ولكننا وجدنا استراحة اسمها: «النخيل» بعد أن قطعنا 35كم على الطريق السريع لكنها كانت أكثر سوءا من التي قبلها.
أمضينا مساء الأربعاء 17 أبريل 2013م ( ليلة الخميس) فيها، وتأكدت من التاريخ بعد أن فتحت من الموبايل صفحتي على الفيس بوك.
يعد أن ينهض الرفاق سنتوجه إلى «صبحاء» أو «وضحاء» حيث جبل «يذبل» الذي ذكره امرؤ القيس في معلقته حيث يقول:
فيا لك من ليل كأن نجومه
بكل مغار الفتل شُدّتْ بيذبلِ
- عبدالله السمطي