البحث العلمي، من القضايا الرائدة التي ينبني عليها التطور في الكثير من جوانبه العلمية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ما يعني أنه ضرورة رئيسة في استدامة النهضة وتناميها، لذا لقِيَ مزيداً من العناية والاهتمام من لدن قيادتنا الرشيدة وفقها الله، الساعية لكل ما فيه صلاح الوطن والمواطن، الأمر الذي أثمر حراكاً بحثياً نشطاً، وأوجد شراكة مجتمعية فاعلة ومستدامة والحمد لله، تستوعب مختلف الأنشطة المراعية لاحتياجات المجتمع، والملبية لِجُلِّ تطلعات أبنائه وبناته.
نعم .. لقد أضحى البحث العلمي أحد ضروريات الحياة المعاصرة، والشقُّ الثاني المُتَمِّمُ لمسيرة الجامعات المعرفية، حيث تزداد قيمته ويتعاظم دوره حينما يتصل بالتنمية الوطنية، ويلامس عن كَثِب أوْلًوِيّات المتطلباتِ المجتمعية؛ ومن هذا المنطلق توجهت أنظار الجامعة إلى الشراكة المجتمعية عبر كراسي البحث العلمي، التي تعد ظاهرة صحية، تعكس الوعي الحضاري، واتساع الأفق المعرفي لدى الأمم المعنية بها والمشجعة لها، فهو ركيزة رئيسة في النهضة والتطور، ومعزز للاقتصاد ومسهم في قوته، حيث إنه ينقل النظريات والمُثُل إلى عالم الحقيقة والتطبيق، الأمر الذي يثمر تصحيح المسيرة، وسد الثغرات، وسلامة التوجه المعرفي، وهذا ما يفسر الاهتمام المتعاظم بكراسي البحث العلمي لدى المؤسسات العريقة علمياً.
لذا هيأت الجامعة الظروف المواتية لكراسي البحث، وقدمت لها الخدمات المناسبة، وساندتها إدارياً وأكاديمياً، الأمر الذي حفّزَ رجال الأعمال الأوفياء المحبين لوطنهم، والراغبين في الإسهام بنهضته وتقدمه للمبادرة لتمويل كراسٍ بحثية، كان أحدُها (كرسي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الداعج لتنمية المجتمع المحلّي)، الذي موّله فضيلة الشيخ عبدالعزيز الداعج، وتولى الإشراف عليه الدكتور ناصر بن حماد الجعيدي.
ذلك الكرسيُّ الذي أسِّسَ وفق قواعد بحثية رصينة، ومنطلقات واضحة، هدفت لنشر الثقافة الإنتاجية لدى المجتمع، وبناء الشخصية الوطنية المبادِرة، إلى جانب الإفادة من قدرات المرأة ومهاراتها في مجال التنمية الاقتصادية والعمل عن بُعد.. وقد انعكس ذلك عملياً على نشاطات الكرسي وفعالياته منذ انطلاقته وإلى قُبيل اختتام أعمالهً. وإن إطلالة يسيرة تتخلل الكرسي، وتنفُذُ إلى واقعه وعطاءاته، تجعل الواحد منا يبدي الكثير من الإعجاب والسرور، حيث إنه سجل إبّان مسيرته الموجَزَةِ وقتاً، إنجازاتٍ مَديدَةٍ عملاً، تنُم عن إخلاص وجدٍّ واجتهاد.
فلقد رأينا تأصيلاً للأعمال، وتنظيماً للخطوات العملية من خلال المشاركة في اللقاءات والمؤتمرات والندوات.
ولمسنا شراكة مجتمعية فاعلة تمثلت في عدد من المحاضرات، وعقود الشراكة والتعاون مع العديد من مؤسسات المجتمع الحكومية منها والأهلية..
واطلعنا على نشاط بحثي تبلور في إنجاز حزمة من البحوث العلمية المُحَكّمة شملت دور المرأة وذوى الاحتياجات الخاصة في تنمية المجتمع المحلي، إلى جانب تعزيز دور الجامعات في نشر ثقافة العمل عن بُعْد، بالإضافة إلى دور المشروعات الصغيرة في التنمية الاقتصادية بالمملكة العربية السعودية.. وغير ذلك كثير بحمد الله.
وما كان توجه الجامعة لاحتضان كراسي البحث العلمية إلا بغرض الجمع بين رُقِيّ البحث العلمي، وخدمة المجتمع والوطن، مشفوعاً ذلك بالخبرة الأكاديمية والإدارية، الأمر الذي من شأنه اتساع آفاق البحث العلمي، وثراء معطياته وأصالتها وجودتها، وقد أمكن للجامعة خلال مسيرة الأعوام السبعة أن تستقطب عدداً من الكراسي البحثية.
فإلى جانب كرسي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الداعج لتنمية المجتمع المحلي؛ احتضنت الجامعة كرسي الشيخ عبدالله بن زيد بن غنيم لأبحاث التداوي بالطب النبوي وتطوير وتصنيع المنتجات الطبيعية، و كرسي أبحاث سارة بنت راشد بن غنيم لاستزراع النباتات الطبية والعطرية غير التقليدية، اللذين يمولهما فضيلة الشيخ سعد بن عبدالله بن غنيم.. وإننا لنجد في ذلك رسالة تحمل بين طياتها تضامن أهل هذه البلاد المباركة ورغبتهم الصادقة في تطورها وشموخها، بالإضافة إلى أنه مُدَلِّلٌ على نجاح توجه الجامعة في مجال البحث العلمي والشراكة المجتمعية، لذا ستواصل الجامعة -بإذن الله- عنايتها بالبحث العلمي، واستقطابها للكراسي البحثية المُجْدِية، ولن تدّخر وسعاً في سبيل تعزيز العملية البحثية لديها، والعمل على تطويرها وتقدمها، لاسيما وأن الجامعة -كسائر الجامعات في المملكة- تجد بحمد الله تعالى تشجيعاً وتأييداً من لدن حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمين وسمو ولي ولي العهد حفظهم الله، ومن وزارة التعليم، الأمر الذي من شأنه أن يعود بالنفع والفائدة على المجتمع والوطن. والله الموفق.
عبدالرحمن العاصمي - مدير جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز