البنوك الخليجية تهرع لقروض البنوك العالمية وسط شح السيولة ">
الجزيرة - الرياض:
قالت مصادر مصرفية إن البنوك الخليجية تهرع لجمع الأموال من سوق القروض في فورة نشاط ترجع إلى شح السيولة الناجم عن تراجع أسعار النفط.
ويعتقد أن تسع مؤسسات على الأقل من قطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت تجري محادثات مع بنوك أخرى لتدبير السيولة لآجال بين عام وثلاثة أعوام وأن العمليات في مراحل مختلفة.
وقال أحد المصادر الذي يقود القروض المجمعة بأحد بنوك المنطقة «لا يبعث الأمر على الدهشة في ظل الضغوط على السيولة لكن لا أذكر أن السوق كانت على هذا النحو من قبل».
وبعد أن تمتعت بنمو قوي بفضل السيولة الرخيصة من قيام الحكومات بإيداع الإيرادات النفطية في حساباتهم تجد البنوك الخليجية نفسها مضطرة الآن إلى التأقلم مع قيام الحكومات ذاتها بسحب السيولة لسد عجز الميزانية المتنامي، إما مباشرة أو عن طريق إصدار سندات أو صكوك بالعملة المحلية.
وتبحث البنوك عن طرق تمويل بديلة مثل سوق القروض لملء الفجوة. والأسعار التي يقترضون بها أعلى من الودائع شبه المجانية التي كانوا يتلقونها سابقا.
وسيؤدي ذلك إلى أسعار قروض أعلى للأفراد والشركات في منطقة الخليج التي بدأت بالفعل تبدي بوادر مشاكل في التعامل مع الديون القائمة.
القروض
وتهيمن البنوك القطرية على فورة النشاط الحالية حيث أكدت المصادر أن البنك التجاري القطري وبنك الدوحة يعكفان على الاقتراض في حين يتردد أن بنكين إسلاميين - من أصل أربعة في البلاد - يجرون محادثات مع مؤسسات بشأن قروض.
وبحسب ثلاثة مصادر مطلعة يسعى التجاري القطري إلى اقتراض 800 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات لإعادة تمويل ديون منها قرض قائم قيمته 600 مليون دولار يستحق في فبراير شباط.
وقال اثنان من المصادر إن فائدة القرض 110 نقاط أساس فوق سعر الفائدة المعروض بين بنوك لندن (ليبور) شاملة رسوم الترتيب.
ويريد بنك الدوحة جمع 500 مليون دولار لأجل عامين بفائدة 95 نقطة أساس فوق ليبور شاملة الرسوم ويرتب العملية ويلز فارجو وفقا لثلاثة مصادر.
وفي الإمارات يسعى بنك أبوظبي الوطني أكبر بنوك البلاد من حيث الأصول للحصول على قرض لأجل عام واحد حسبما ذكر مصدران. وقال أحدهما وهو مصرفي مقيم في الإمارات إن البنك فاتح نحو عشرة بنوك بخصوص العملية التي سيبلغ سعر الفائدة فيها 35 نقطة أساس فوق ليبور.
وتأثر أبوظبي الوطني سلبا بسحب ودائع حكومية. كان الرئيس التنفيذي للبنك أليكس ثرسبي قال: إنه تم سحب سيولة حكومية قدرها 48 مليار درهم (13 مليار دولار) في الاثني عشر شهرا حتى 30 سبتمبر - أيلول.
ويتطلع مصرف الهلال الذي مقره أبوظبي إلى الحصول على قرض لأجل عامين بعائد 150 نقطة أساس فوق ليبور شاملا الرسوم ويريد بنك نور الذي مقره دبي ترتيب قرض لأجل ثلاث سنوات بعائد 115 نقطة أساس شاملا الرسوم.
ومن بين البنوك الأخرى في السوق بحسب تومسون رويترز ال.بي.سي بنك برقان الكويتي الذي يريد قرضا يصل إلى 300 مليون دولار لأجل عامين وبنك الخليج الدولي البحريني الذي يرغب في مبلغ يصل إلى 400 مليون دولار لأجل ثلاث سنوات بفائدة بين 125 و135 نقطة أساس فوق ليبور شاملة الرسوم.
قطر
خفض مصرف قطر المركزي الحجم المعتاد لمبيعات أذون الخزانة بشكل غير متوقع في دلالة على أن تدني أسعار النفط والغاز بات يفرض ضغوطا على الأنظمة المصرفية في دول الخليج المصدرة للطاقة.
واعتاد البنك كل شهر على طرح أذون خزانة بقيمة أربعة مليارات ريـال (1.1 مليار دولار) لأجل ثلاثة وستة وتسعة أشهر.
ونظرا لانكماش الإيرادات التي تجنيها الحكومات من الطاقة تضاءلت تدفقاتها من الأموال الجديدة التي يمكن إيداعها في المصارف التجارية، ومن ثم شهدت تلك البنوك انخفاضا في السيولة التي يمكن استثمارها في الأوراق مالية أو إقراض الشركات.
وقال مصرفي من منطقة الخليج طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية المسألة «هذا الإصدار من أذون الخزانة جعل الحكومة تدرك الواقع وأظهر تقلص السيولة لدى البنوك القطرية».
وأضاف المصرفيون أن قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم لا تواجه أزمة سيولة طويلة المدى. فحجم أصول صندوق الثروة السيادي القطري يقدر بأكثر من 250 مليار دولار ومن السهل عليها بيع بعض أصولها في الخارج إذا احتاجت لإعادة ضخ أموال في اقتصادها.
معلوم أن الأسواق المالية في الخليج قد تجاوبت بهدوء مع أول رفع لسعر الفائدة الأمريكية في تسع سنوات بما يشير إلى أن معظم المستثمرين يثقون في قدرة المنطقة على حماية ربط عملاتها بالدولار في المستقبل المنظور.
وقال مديرو صناديق إن تجاوب الأسواق أظهر أن المستثمرين يثقون في قدرة الخليج على اجتياز حقبة رفع أسعار الفائدة حتى إذا أدَّى تشديد الائتمان وتراجع أسعار النفط إلى كبح النمو الاقتصادي.
وقال سيرجي ديرجاشيف مدير محفظة سندات الأسواق الناشئة في يونيون انفتسمنت بريفاتفوندز بألمانيا إن رد الفعل السريع من البنوك المركزية الخليجية بعد قرار مجلس الاحتياطي ساعد على تبديد مخاوف السوق.
وأضاف «رد الفعل القوي والسريع وبخاصة من السعودية يبعث برسالة إلى السوق بأن الربط سيستمر وأن شائعات انهيار الربط مبالغ فيها».
وقال: إنيربان كوندو مدير خدمات استشارات الاستثمار في السعودي الفرنسي كابيتال «أسواق النقد الخليجية أكثر ارتباطا بأوضاع السيولة المحلية، كما أوضحت الزيادة في أسعار ليلة واحدة على مدى ربع السنة الأخير وهي لا تنظر إلى سياسة مجلس الاحتياطي كعامل مغير لقواعد اللعبة - على الأقل ليس في سياق المنحنى المتوقع الحالي».
لكن بعض المحللين قالوا إن تشديد السياسة النقدية الأمريكية قد يؤدي إلى تقلبات بالأسواق الخليجية في المستقبل لأن البنوك المركزية قد تقع تحت ضغوط لمحاكاة زيادات الفائدة الأمريكية حتى في حالة تباطؤ اقتصاداتها. ويتوقع محللون كثيرون رفع الفائدة الأمريكية مرتين أو ثلاث مرات في 2016.
وقال محيي الدين قرنفل مدير الاستثمار بأدوات الدخل الثابت الإقليمية في فرانكلين تمبلتون للاستثمار «قد نرى مستويات أعلى من تقلبات السوق ورياحا معاكسة من ارتفاع أسعار الفائدة الطويلة الأجل».