عبدالله العجلان
المبدعون في كل مجال وميدان ليسوا ملك أنفسهم، وإبداعهم هبة من الخالق ليكون فيه ومنه إثراء ونفع للجميع وليس لاحتكاره واستغلاله للشهرة الفجة الفارغة والممارسات الانتهازية اللاأخلاقية ..
محمد الشلهوب أحد المبدعين الكرويين إن لم يكن أبرزهم في وقتنا الراهن، لديه سمات ومواصفات إبداعية يصعب وربما يستحيل تكرارها، ولا وجود لها في ملاعب ودهاليز ومفاهيم الكرة الغارقة في شتى صنوف الخبث والإيذاء والتعصب والكراهية والأنانية، الشلهوب إن قلت إنه ظاهرة فهو كذلك، وإن وصفته بالعملة النادرة فهذا قليل بحقه ، وإن سمّيته الكنز والثروة فهو أغلى وأثمن، هو في تقديري تجاوز تصنيفه على أنه مجرد نجم كروي موهوب إلى كونه مواطناً صالحاً في تواضعه وأخلاقه وأدبه وسلوكه ورقي تعامله، وإنساناً ناجحاً في المحافظة على شهرته، والالتزام والارتقاء بمهنته واحترام اسمه ونفسه قبل أن يحترم محبيه وجماهيره..
كي نفهم أسرار إبداع محمد الشلهوب ونستفيد منه في نشر الوعي والرقي في المجال الرياضي وغيره، أتمنى أن تقوم جهة ما في الرئاسة أو اتحاد الكرة أو اللجنة الأولمبية، بالتعاون مع إحدى الجامعات بدراسة وتوثيق سيرته وفهم تفاصيل حياته وتأثير بيئته (المنزل والحارة والمدرسة والنادي) على شخصيته اللافتة، وفي هذا الشأن أجزم أن الجميع في المؤسسات والقطاعات وسائر الأندية ومختلف فئات وتيارات وشرائح المجتمع يتفقون على تقديره ومحبته، ويتطلعون إلى أن يكون لديهم بعض من عطاء وبهاء الشلهوب..
لنجعل في مدارسنا وأنديتنا وملاعبنا ومجتمعنا من محمد الشلهوب اللاعب والمواطن والإنسان نموذجاً جديراً بالاقتداء..
تطرُّفهم فضحهم!
جاءت قضية الكابتن محمد نور مع المنشطات وما أثير حولها من لغط واسع ومتباين، لتضعنا أمام واقعنا الإعلامي المتأزم في غالبية أطروحاته، والمتطرف جداً في نظرته وقياساته، وباستثناء القليل من الرؤى والمواقف النزيهة التي تعاملت مع الحادثة بمهنية وشفافية، ووفق ما تفرضه عليها واجباتها الإعلامية، فإن البقية انقسموا بين متعاطف حد الجزم أن محمد نور ذهب ضحية مؤامرة ما أحيكت ضده، أو تبسيط الأمر وعدم تحميله أية مسئولية وأنه لم يرتكب أي خطأ يستدعي لومه أو حتى معاقبته رغم ثبوت إيجابية العينة، وفريق آخر وجدها فرصة سانحة للنّيل منه باستخدام لغة الشماتة والتشهير به وطمس تاريخه..
لو أن اللاعب ليس محمد نور ومن نادٍ ليس الاتحاد، فمن المؤكد أن الأدوار بين الفريقين ستتبدل، وسنسمع نفس اللغة مع فارق أن من كان مع نور سيكون ضد اللاعب الآخر ومن كان يهاجمه سيصبح مدافعاً عنه، وحدث هذا وسيحدث لاحقاً في مواقف أخرى سيتكرر فيها نفس التعامل، ما يعني أن الإشكالية تتعلق بطريقة تفكير وسوء فهم الكثير من الإعلاميين لمسئولياتهم، لدرجة أنهم لا ينكرون ولا يخجلون بل يتباهون بتحولهم إلى مشجعين متعصبين، يكتبون ويتحدثون بمفردات لو صدرت من الجمهور في المدرجات لتمّت معاقبته..!
هذا التطرف في العواطف من أشباه الإعلاميين سواء مع أو ضد هذا الطرف أو ذاك، دفع المحبين والكارهين منهم إلى التهويل والمبالغة في آرائهم مدحاً أو ذماً، والوضع لم يتوقف عند هذا الحد وإنما أدى إلى إفرازات وانطباعات مغايرة لمبتغاهم، وقد رأينا في حالة محمد نور كيف ساهمت الآراء المدافعة عنه باستماتة وكذلك المدائح غير المبررة الموجهة له في تشكيل رأي آخر مضاد على طريقة ( كل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده )، والأمر نفسه ينطبق على الذين بالغوا في تشويه صورته والتنديد به، حيث أنتج تطاولهم البشع على كرامة وإنسانية وتاريخ نور ردود أفعال متعاطفة معه أو على الأقل منصفة له..
في هذا الوقت الذي أصبحت فيه كل الأوراق مكشوفة والحقائق واضحة والأهواء مفضوحة، انتهت أساليب الفبركة والمغالطة، ولا مجال للتغطية والتدليس والحديث بغير ما هو معروف ومعلوم عند الجميع، الأيام والنتائج كفيلة بتعرية كل من يحاول التذاكي وفرض قناعاته بالضجيج والتهريج وبث الأكاذيب..!