نايف بن محمد العساكر ">
مجتمعنا في المملكة العربية السعودية منذ نشأتها وهو يتحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما أجمعت عليه الأمة، حتى دخلت بيننا جالية حذّرنا من جنسها رب العالمين في كتابه العزيز في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} (118).
ومن المعلوم أنّ الإخوان المسلمين يقسّمون المجتمع إلى مجتمع جاهلي ومجتمع إسلامي، فما هو المجتمع الجاهلي عندهم؟
إنّ المجتمع الجاهلي في نظرهم هو كل مجتمع لا يكون داخلاً تحت تصرف القيادات الإخوانية، والمجتمع الإسلامي هم جماعة الإخوان المسلمين فقط، كما نص على هذا مرشدهم حسن البنا في مذكراته.
هذه الفكرة سرت في جميع التنظيمات الإرهابية التي خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، فجماعة التكفير والهجرة تحكم بأنها هي المسلمة فقط، وما عداها فهم كفار، والقاعدة على لسان زعيمها أسامة بن لادن يزعم بأن العالم اليوم فسطاطان: فسطاط إسلامي وهو فسطاط القاعدة، وفسطاط كفر، وهم من عداهم.
وبعد هذا التشنيع على هذه المصطلحات وانكشاف مراد الإخوان المسلمين بها، جنحت الجماعة إلى تغيير المصطلح!!
(هو من لوازم التكتيك لدى الجماعة كما هو مقرر في كتبهم), فصاروا يطلقون على من لم يكن منهم مصطلح (تغريبي) ويعنون به كل من خالفهم أو أراد تطوير المجتمع أو دعا إلى الوسطية وفق النظم الحديثة، ولو كان مسلماً صالحاً..
ثم تطور المصطلح، وبحثوا عما يخيف المجتمعات والمسلمين، واستغلوا عاطفة العوام الدينية, وغيرة الشباب، فصار كل من خالفهم (ليبرالياً) ومن لم يخالفهم فهو مسلم صالح..
لا أريد أن أطيل الحديث عن المصطلح وإشكاليته..
ولكن ما المقصود وراء إطلاق هذه المصطلحات؟!
إن المتتبع لثمرة إطلاق هذه المصطلحات، يدرك يقيناً أن المراد هو إسقاط التكفير على المخالفين سواء كانوا حكاماً أو محكومين..
إن الذي وراء هذا كله هم قادة الفكر الإخواني الذي يحرّكهم التنظيم الدولي للجماعة الأم, لهدم المجتمع القائم على الكتاب والسنة..
أو المجتمع المتماسك المستقر المطمئن بقياداته وأنظمته.. وأحداث الثورات العربية خير شاهد على ذلك.
إن تقسيم المجتمع إلى ليبرالي (متوهم الوجود) في بلادنا وبين إسلامي..
يعني تكفير هؤلاء لمجتمعنا!!
وهذا هو ما يبرر للتنظيمات التكفيرية الداعشية قتل كل أفراد المجتمع!!
والتي لم يسلم منهم المصلون في مساجدهم والآمنون في بيوتهم..
لأن المجتمع إما أن يكون ليبرالياً أو راضياً بالليبرالية, ثم بعد ذلك تتسلسل قاعدة: (من لم يكفر الكافر فهو كافر)..
وحينها يعلن قادة هذه التنظيمات استنكارهم لما جرى!!
إننا نعيش في مرحلة لا يجوز التساهل فيها، فأحدهم يرفع إلى المحاكم ويقاضي الناس لكلمة قالوها فيه، وينتصر له من ينتصر، بينما نجد هؤلاء يصفون نصف مجتمعنا بأنه ليبرالي أي أنه في نظرهم: كافر، ثم لا نجد محاسبة لهم!!
إن هذا الصنف الباطني المتلون يخرج غالباً في أوقات الأزمات, ليشكك في نوايا ولاة الأمر، ويجعل المحبين لهم يدخلهم الشك في حب ولاة أمرهم للوطنيين الناصحين..
اللهم اكفنا شر العابثين بما شئت وأنت السميع العليم.
- المستشار والباحث في شؤون الجماعات المتطرفة