د. محمد خيري آل مرشد ">
إن أي تغيير هو نتيجة حتمية للتفكير ولكن ليس لكل الناس قابلية التغير والتغيير إلى الأفضل وليس لديهم الاستعداد لأن يخوضوا تجارب جديدة خوفاً من المجهول وحرصاً على ماهم عليه ولو كان قليلاً أو حتى لو كان غير متعب لهم وذلك من باب أن القناعة كنز لا يفنى أو عصفوراً باليد خير من عشرة على الشجرة، وهي شعارات لها قيمتها في مواضع معينة وبتصوري أنها محدودة جداً، وليست عامة التطبيق فتكون بذلك مثبطة للهمم ومانعة للتغيير ولو تمسك كل منا بعصفوره لما رأينا هذا التقدم والتطور على مر الزمن.. فهناك البعض ممن هم مستعدون دائماً لأن يتقدموا خطوة إلى الأمام, يتخلون عن الكثير مما لديهم لينتقلوا أو ينقلوا غيرهم إلى حياة أفضل.. وتحديث الأفكار بالمعلومات الجديدة مطلوب دائماً لأن الحال متغير والظرف متغير والمعرفة متغيرة وبناء عليه يجب أن يتدرب الإنسان على تغيير بعض الأفكار التي لازمته طويلاً حتى ولو جزئياً وطرح أخرى أو البناء على بعضها, والتخلص من تلك خاصة العتيقة منها أو المعتقة وغير الصالحة لشيء سوى ملء الذاكرة برماد أفكار ليس فيه أي شرر.
إن الأفكار تولد أفكار جديدة فدع هذه الأفكار تتولد بطرح كل إنسان ما لديه ولنا أن نختار الأجمل منها.. فكلما كان الإنسان متعلماً ومثقفاً أكثر يسهل عليه استقبال وفهم وإدراك معلومات وأفكار جديدة يحسن تطبيقها في حياته قد تجمل حياته... طبعاً هنا لا ندعو لأخذ كل ما هو أمامك من أفكار لكن الإنسان كلما كان متعلماً أكثر كلما كانت أفق نظرته أوسع وكمية المعلومات الداخلة إلى فضائه الفكري أكثر وهو يستطيع أن ينخلها ويبلور بعضها ويستفيد منها، ويطرح جانباً ما لا يستسيغ.. اجعل الأفكار تلتقي تتعارك تحتك ببعضها فالاحتكاك يولد الشرارة المطلوبة لإنتاج نور جديد من فكرة أو أفكار جديدة..
رفض التحديث الفكري يكون عادة دافعه الخوف من هذا الجديد القادم والناس أعداء ما يجهلون فتجد الإنسان يستكين لما ورثه عن آبائه وأسلافه وألفه من محيطه الفكري فيكون أسيراً في المنطقة الآمنة أو ما يسمى بالدائرة المريحة (comfort zone)؛ فيكون دائماً أسير جهله وعاداته متمسكاً بما لديه من عتيق الأخبار والأفكار..
تحديث الأفكار يمكن أن يتم بطرق كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر القراءة وإن أمكن القراءة التحليلية وبحضور الندوات والمحاضرات والأفلام والاستفادة من وسائل الإعلام وسائل التواصل الاجتماعي الحي منها والساكن أي المشاركة المباشرة أو المتابعة وأيضاً بالنقاش البناء ومشاركة الآخرين عقولهم وأفكارهم بالاستشارة أو الاستماع وخاصة أهل الاختصاص. لا ننسى أن غوغل وبرامج أخرى ولو نسبياً فيها كمية هائلة من الأفكار والمعلومات ولو أن الاختصاصي منها يجب أن نأخذه من مصادره فقط..
لا تدع نفسك حبيسة مربع ذي لون واحد بل أخرج للفضاء واسمع واستمع, تأكد تماماً أن أساسيات حياتك هي من صنع يدك وأن التغيير ممكن إن أدركنا ما نحن عليه وما نريده. حدث أفكارك دائماً بالمعلومة الجديدة بفكرة جديدة, بتطبيق حياتي جديد على مستواك الشخصي أو العائلي أو العلمي, كن متميزاً بأحداث فوارق إيجابية في حياتك وحياة من حولك على الأقل. إن أي إنسان عاقل هو تلميذ صغير في الحياة ويتعلم ما دام حياً. ونصيحة أخيرة دون أفكارك على الورق فإن الورق هو ذاكرتك الاحتياطية فالورق يحتمل أن تدون عليه ما تريد، بينما قد تخونك ذاكرتك أو قد يتم طمس ما أردته بمعلومات جديدة أو أفكار جديدة ولا ننسى عامل النسيان الطبيعي أيضاً..
وفي العموم فإن الأفكار لها عناوين ترسل إليها لكي يستفيد الآخرون منها وتحدث فيهم أو لهم الأثر المطلوب وإلا ستبقى أفكار نظرية عائمة أو محلقة في السماء..