طفله النفيعي ">
تمر الشدائد بالناس سواءً على المستوى الشخصي أو المجتمعات وكذلك على مستوى الدول، وهي سنّة كونية قد يكون ظاهرها شراً وباطنها خيراً، يقول تعالى: {وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}، وهذا ما اتضح لنا نحن أبناء الخليج في الآونة الأخيرة وخاصة في المملكة العربية السعودية، من المواقف المتناقضة التي اتخذتها الجمهورية اللبنانية تجاه مصالح وحدة الصف العربي ورؤية المملكة بخصوص هذا الشأن، ففي الماضي البعيد و إلى يومنا هذا كنا نعتقد أنّ لبنان هي الشقيقة والأخت الصغرى للمملكة، لما تميّزت به من مواقف مشرفة بلادنا مع لبنان وشعبه منذ الحرب الأهلية اللبنانية ومروراً باتفاق الطائف، مواقف عظيمة وثابتة لم تغيرها أعاصير الرياح وتقلباتها، فلقد أخذت على عاتقها دعم لبنان طوال هذه العقود وكانت لها السند الذي تتكئ عليه كاقتصاد وأمن وسياسة، وهي كالنهر الجاري في العطاء وبلا منٍّ ولا أذى.
وهذا ديدن حكومة خادم الحرمين مع بقية الأشقاء، لوعيها التام بواجبها الديني والعربي رغم ما تمر به المملكة في كثير من الأحيان من ضرورة إنجاز بعض المشاريع الحيوية والتي تحتاج إلى مليارات الريالات، إلا أنها قدمت مصلحة الأمة العربية على مصالحها الوطنية حتى وقت آخر، في سبيل المضي قدماً لدعم الأشقاء والوقوف جنباً إلى جنب كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً معهم في تخطي الأزمات المالية والأمنية، وهذه سياسة المملكة منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن وأبنائه الملوك من بعده رحمهم الله جميعاً وحتى عهدنا الحالي عهد سلمان الحزم والعزم - حفظه الله -.
ولكن ومنذ أن تعرضت المملكة لعدد من المؤامرات واتخاذها موقفاً حازماً بوقوفها مع الشرعية بشأن اليمن، ولبنان ومع الأسف، تضمر وتظهر عكس ما هو مطلوب منها كدولة عربية شقيقة، بعد أن أصبحت أسيرة لإملاءات حزب الله وباتت مواقفها السياسية تتعارض مع مصالح الأمة العربية، وتناست أنها جزء لا يتجزأ من هذا الكيان العربي، وكنا نرجو منها ما هو مفترض لتوحيد الصف وعدم انشقاقه، ولكن مع الأسف سقط القناع الذي كانت ترتديه الحكومة اللبنانية، وينطبق عليها قول الشاعر:
جزى الله الشدائد كل خير
عرفت بها صديقي من عدوي
وطبعاً نحن هنا نستثني شعب لبنان العربي الأصيل لبنان الجبل وشجرة الأرز والأخطل الصغير لبنان الحضارة، من آراء حكومته التي تتسم بالتناقض.
وفي الختام كل الاحترام والفخر لقرار المملكة العربية السعودية بإجراء مراجعة شاملة لعلاقتها مع الجمهورية اللبنانية، لأنه لم يعد بعد اليوم إلا سياسة الحزم والعزم التي أقرها خادم الحرمين الشريفين ومن الوهلة الأولى لتسلمه مقاليد الحكم في مملكتنا الحبيبة، لأي كائن من كان يحيد به هوى نفسه ونزغات الشياطين عن الطريق السوي.