هل لا تزال تتذكّر قصيدة شقراء مدخلي؟ ">
من الزوايا الرائعة التي أحرص على قراءتها في مجلة الثقافية صباح كل سبت, (أعراف وما أدراك ما أعراف ) للشاعر الرائع محمد جبر الحربي.
ففي هذه الزاوية, هناك حضور لأزمنة غابرة وشخصيات تاريخية ومدن اندثرت أو مدن نسكنها الآن... لا فرق طالما أن شاعرنا بارع في نقلنا من عصر إلى عصر ومن زمن عنترة إلى زمن الفرائضي وابن باجة وهلم جرا...فلا تشعر ببعد المسافات أو اختلاف العناوين والأمكنة.
لقد تمكّن شاعرنا محمد جبر الحربي من ترتيب كل شيء, فتشغلك متعة القراءة ولذتها والتأمل في مفردات الحربي عن قياس المسافات أو وضع علامة استفهام أمام الأمكنة التي زرتها بصحبته, وخصوصاً أن لديه (ناقلاً جوياً) يطير بك في فضاءات ملوّنة وعالم خيالي أسطوري وقوده التجانس الشعري الذي يديره بإتقان.
الحربي من وجهة نظري الخاصة, من الشعراء الذين يجيدون فن كتابة المختصرات.. وعندما أقرأ له أقول لنفسي: هل أنا أمام (شاعر المختصرات) أم أنا في حضرة شاعر يوثّق التاريخ بلغة (Microsoft word ).؟
وحتى أكون صادقاً معكم... أجد نفسي في شوق لا قرأ له: عن الحب... عن الوطن... عن الصدق.... وعن الشعر.
وعن عنيزة.... وعن الرياض.. وهل وصلت الأشجار في وقتها؟ عن النخيل... عن شأن قحطان.... والمدن المشتراة. عن الكلمات البدائية الأولى. عنه وهو يقول صباح الخير أمي .. ابنتي. عن الفارس المطعون بحراب الأهل ومن يكون هذا؟ وأجد نفسي أيضاً مشتاقاً لأطرح عليه عدة أسئلة ... لن تكون كتلك الأسئلة التي قد لا تعني أحداً..كما أشار في (للريح..للمطر). سأسأله:عن الحوت هل أصبح برمائياً بعد أن تنكر له البحر؟
عن خديجة وماذا حدث لها.. ومن ستر سوأة المدن اللقيطة؟
وماذا يفعل الشعراء عند الفجر وقد كان منهم، وهل أوقدوا المشاعل كي يتمكنوا من دفن قتلى الحضارة؟
وقد نسأله أيضاً: عن عنترة العبسي وهل أسرج الأبجر لمنازلة (الحربي) وقد جعل رأسه خدراً لعبلة؟
أم تلك الدار في حضور أول العاشقين وآخرهم, لم تعد تتكلمي؟ وربما نسأله: عن الشاعر النبيل وهو يكتب عن فلسطين. التي لم تمت في قلبه؟
عن ذلك الحنطي الذي تمكّن طيف أمه وخيالها من أن يغسل حزنه وهمه؟
عن هذا الشاعر العابد والمتأمل في مساحة الفجر؟
أما آخر الأسئلة فسيكون عن (شقراء مدخلي) هل ما زال يتذكّر قصيدتها؟
محمد جبر الحربي شاعر وكاتب متمكن حاضر دائماً في كل الميادين التي يطرقها سواء كان ذلك ليلاً أو نهاراَ ولديه لغة خاصة وأدوات يتحكم بها في خطابه الشعري متى ما أراد.
- عبد الله سعود العصيمي
alossaimiabd@yahoo.com