مع مرور كل يوم تزداد قناعتنا وقناعة كل مواطن يمني بأن ميليشيا التمرد والانقلاب إلى زوال وأن نهايتها وشيكة وباتت قاب قوسين أو أدني، لأن الباطل دائماً إلى زوال، ولن يستمر الشر مهما طال، هكذا علمتنا الحياة، وهكذا تقول الشواهد التاريخية، فكلما استفحل الظالم في بطشه وممارساته الشيطانية بحق شعبه كلما قربت نهايته.
إن إنجازات الانقلابيين التي تنوعت وتعددت وشملت كل أرجاء الوطن كفيلة بأن تجعل نهايتهم أقرب مما نتوقع، إذ أنهم لم يتركوا بيتاً في بلادنا إلا وفيه جرح ينزف وقلب يعتصره الألم والحزن.
قرابة 25 مليون مواطن يمني يطلقون مع كل صباح لعناتهم لتلاحق العصابات الانقلابية، لأن ما تمكنت من تحقيقه هذه الفئة الباغية في حياتهم من السوء والشر قد فاق ما لم تمارسه أي فئة ظالمة مهما طال أمد حكمها حتى وإن تعدت مئات بل آلاف السنين.
لو تمعنا في إنجازات الانقلابيين لوجدناها لا تعد ولا تحصى وقد عمت كل شبر في وطننا الجريح ودخلت كل بيت واكتوى بنارها كل فرد يمني حر شريف.. هي إنجازات شيطانية إن صح التعبير، فمن مصادرة للحريات والحقوق وتكميم الأفواه وإغلاق الصحف ووسائل الإعلام إلى قتل الأبرياء واختطاف وتعذيب الشرفاء الأحرار، ومن هدم وإحراق لمنازل الخصوم إلى تهجير وتشريد للأفراد والأسر المناهضين لمشروعهم الانقلابي، ومن حصار وتجويع ومحاربة في قوت الناس ومعيشتهم إلى فتح أسواق سوداء للنفط والغذاء والدواء، ومن فساد أخلاقي ومالي وإداري إلى محاربة رأس المال الوطني وابتزازه بأبشع الأساليب والصور، هكذا هي إنجازات الانقلابيين.
وما المقابر الجماعية التي افتتحها رئيس لجنتهم الثورية إلا واحدة من أبرز إنجازاتهم التي تمكنوا من تحقيقها خلال عام إذ لم يتركوا بيتاً إلا وفيه حزن على مفقود أو معاق أو طفل يتيم أو أرملة ثكلى، وهكذا هو الحال.
إنجازات تتواصل بمزيد من ممارسات الشر، التي من صورها: أطفال أخرجوهم من المدارس إلى المتاريس ومن صفوف التعليم إلى جبهات الموت فإما قتلى أو جرحى أو مشردون بلا مستقبل ولا تعليم، وأمهات يتحسرن في كل لحظة على أزواج اختطفهم الموت على غفلة بسوء أفعال عصابة مارقة لا ترحم حالهن، ومدارس تحولت بغمضة عين من منارات علم إلى أوكار للعصابات ومراكز للتآمر وتدمير العقول، ومساجد حولوها من دور عبادة ومنارات إشعاع إلى معتقلات ومنابر لبث الأحقاد والكراهية والتحريض الطائفي، ومستشفيات ومراكز صحية كان الناس يلجؤون إليها إذا أصابهم سقم أو علة مرضية أو ابتلاء في عافية لتصبح بسوء إدارتهم أطلالاً تفتقر إلى أبسط ما يمكن أن يخفف به آلام الجرحى لا ما ينقذ به الحياة وباتت معظمها مواقع تمركز للميليشيات أو أهداف لقذائف نيرانهم العشوائية، أما المتاحف والمكتبات والمواقع الأثرية والتأريخية فحدّث ولا حرج فقد تحولت بسوء أفعالهم من أماكن ظلت تحتفظ بما كنا نباهي به أمام العالم من حضارة ضاربة في أعماق التاريخ إلى محارق ومبانٍ طالتها نيران مدافعهم التي دمرت فيها كل شيء، فضلاً عما لحق ببيوت ومنازل الناس التي طالتها أيادي العبث ومعاول الهدم لعصابات التمرد والانقلاب، بيوت هي جل ما يملكه المواطن اليمني بناها بعرق جبينه ومن قوت أطفاله على مدى عشرات السنين لتتحول بين ليلة وضحاها بنزق تهورهم إلى أشباه أطلال، ومن أماكن تحتمي في كنفها الأسر والعائلات وتعيش فيها في ظل ما يجري بأمان واطمئنان تتحول إلى أماكن يكتنفها أجواء الرعب والخوف الذي يدب في قلوب وأفئدة الأطفال والنساء والشيوخ وهم ينتظرون في أي لحظة مصيرهم المحتوم بقذائف الدبابات والمدفعية أو صورايخ الكاتيوشا.
إن الوطن اليمني، وإن كانت الحياة فيه تمضي ببطء، فإنه الآن قد أصبح بممارسات الانقلابيين الصبيانية وبتصرفات أدمغتهم المتحجرة وسوء إدارتهم بلداً بلا تنمية واقتصاد فيه يتهاوى كل يوم وبات الناس يعيشون بلا مصادر يقتاتون منها لأن الجميع بات بلا عمل والفقر فيه طال كل بيت في حضره وريفه.
هكذا هي إنجازات الانقلابيين ولا تزال تتواصل، حيث لم تقف عند هذا الحد ولكنها تعدت لتشمل المتاجرة بالمكتسبات الوطنية والقيم النبيلة وتعميم المآسي والأحزان والآلام إلى كل فرد في المجتمع.. هكذا هي إنجازات عصابة لا تفقه في أمور الحياة والسياسة شيئاً.. وعزاؤنا أنها ستكون هي بداية النهاية لهذه الفئة الباغية.
- بشير عبدالله
Yaljazeera@gmail.com