الجزيرة - وضاح اليمن:
الطفل حافظ عبد الحافظ حكاية من حكايات الجبل الشامخ في مدينة الثورة والمقاومة تعز.. بجسده الناحل وبشرته السمراء التي تشبه تراب الأرض التي جاء منها وولد فيها منذ عشرة أعوام مرت من عمره مرتدياً بدلته المدرسية البيضاء كقلبه وطاقية عسكرية فيها النسر الباسط ذراعيه بشموخ وفي صدره تنام شجرة البن.
حافظ من مواليد الأقروض في مديرية صبر التي لقنت الانقلابيين وما زالت دروساً في الإرادة والتحدي ظل حافظ يرقب الوضع عن كثب حين رأى ذات صباح جموع المليشيات تتوافد إلى قريته وتنخر جسد الجبل الذي لطالما تسلق جنباته ذاهباً لمدرسته التي يردد في صباحاتها نشيد الأرض والإنسان «رددي أيتها الدنيا نشيدي» ولطالما هتف لراية الوطن «رايتي رايتي يا نسيجا حكته من كل شمس» ولطالما اختتم نشيده بحبه للحياة الإنسانية جمعاء وللعروبة وليمنيته «عشت إيماني وحبي سرمدياً ومسيري فوق دربي عربياً وسيبقى نبض قلبي يمنياً» وتوقف منذ ذلك اليوم عن دراسته بسبب المليشيات التي دمرت مدرسته وجعلتها ثكنة من ثكناتها وهو لم يكمل عامه الدراسي الرابع بعد.
تفاجأ حافظ ذات صباح بأصوات الموت بكائناته الغريبة القادمة من كهوف الشمال وشمال الشمال وزواملهم تملأ الجبل «ما نبالي ما نبالي واشعلوها حرباً كبرى عالمية» وهو الطفل الذي لطالما حلق بأحلامه بعيداً مع كل يوم يردد فيه النشيد الوطني شاخصاً ببصره إلى العلم الذي يعانق عنان السماء.
لم يكن حافظ طفلاً عادياً وهو ابن تعز العظيمة التي أنجبت العلماء والمهندسين والأطباء والمعلمين في كل ربوع اليمن فما كان منه إلا أن حمل جهازه (mp3) ليشكل جبهة إعلامية بجانب مقاتلي المقاومة الشعبية في مسالك الجبل ويصدح من جهازه الإلكتروني أغاني فنان اليمن الكبير أيوب طارش عبسي بروائع كلمات شاعر اليمن الكبير عبد الله عبد الوهاب نعمان المعروف بالفضول صاحب النشيد الوطني.
تراه يتنقل بين المتارس العسكرية والجبهات من جهة لأخرى وحين يخذله شحن جهازه الإلكتروني بسبب نفاد بطارية جهازه تجده يردد على مسامع مقاتلي المقاومة الشعبية أشعار وكلمات قصائد يكتبها والده ليحيي في نفوسهم العزيمة وكيف لا وهو الذي لا يكترث بالرصاص ولا قذائف الهاون التي تسقط بالقرب منه وتراه يردد بكل فخر «أنا التوجيه المعنوي لجبهة الأقروض» ويستمر في سرد أسماء بقية المناطق والقرى في الجبل بإسهاب ويختتم حديثه بلهجة قروية ومحببة تنم عن ذكاء وسرعة بديهة» لم نخضع للعفافيش والحوثيين الذين جاؤوا ليقتلونا ويدمرونا ولن نخضع.