الانقلابيون يحتلون المساجد ويفرضون خُطباء يحرضون على الكراهية والنزعة الطائفية ">
الجزيرة - بشير عبدالله:
عزف الكثير من سكان العاصمة اليمنية المحتلة صنعاء عن تأدية صلاة الجمعة في بيوت الله، وفضلوا البقاء في المنازل والصلاة فيها مع نسائهم وأطفالهم بعد أن ضاق بهم الحال بممارسات الانقلابيين وفرضهم بالإكراه وتحت تهديد السلاح خطباء جلهم من الأطفال ينتمون إلى حركتهم الحوثية المقيتة، فيدفعون بهم بعد أن لقنوهم خطب معلبه ليعتلوا المنابر وعلى أكتافهم السلاح ليطلقوا من أفواههم سموم فكر ظلامي يحرض على الكراهية والفرقة والنزعة الطائفية.
وفي تحول مفاجئ أغلق مصلون مسجد بيت معياد بصنعاء الجمعة الماضية بسبب تدخل الحوثيين وفرض خطيبهم على المصلين في كل خطبة يوم جمعة، ما دفع بمصلي الحي، إلى إغلاق المسجد وتعليق لافتة كتب عليها «الإخوة المصلين المعذرة منكم المسجد مغلق درءاً للفتنة».
نبيل محمد يقول «في الحقيقة لم نعد نحتمل ما يجري في المساجد يوم الجمعة إذ تحولت بيوت الله إلى ملتقى للميليشيا يطلقون فيها صرختهم أثناء خطبة الجمعة وقبلها وبعدها، ولم تعد منابر مساجد صنعاء مكان للوعظ والإرشاد والتذكير بأمور الدين والدنيا وبما ينفع الناس ولكنها تحولت إلى منابر للتحريض على الكراهية والفرقة بين المسلمين».
من جانبه يقول نعمان خالد «لم أعد أصلي الجمعة في المسجد نتيجة ما يحدث فيه من فوضى وعبث، فالانقلابيون فرضوا بقوة السلاح خُطباء لا يفقهون بأمور الخطابة والوعظ شيئاً، وهناك من المصلين من اعتلى صوته بالرفض لكن مصيره كان الاعتقال والتعذيب والإخفاء القسري، لذا لم يعد أحد يقدر على قول شيء، ومن هذا المنطلق فضلنا الصمت والمكوث في بيوتنا والصلاة فيها».
ويرى إسماعيل عبدالله أن تصرفات الحوثيين غير السوية في بيوت الله وفرضهم خُطباء من جماعتهم قد أجبرت الناس على ترك المساجد والصلاة في المنازل.
ويشرح «ف. م.ع» الذي فضل عدم ذكر اسمه ما آل إليه الحال في بعض المساجد فيقول «لا يزال الحوثيون ينشرون فكرهم الظلامي من خلال خطب الجمعة التي يلقيها أشخاص يتبعون حركتهم، وفي أحد الأيام عندما ضاق الحال ببعض المصلين نتيجة ما يلقيه على مسامعهم الخطيب هموا لمغادرة المسجد وهم في وسط الخطبة فإذا بخطيب الجمعة يصيح عليهم ويقول من غادروا المسجد هم من الدواعش العملاء لأمريكا ويجب أن يكون الجهاد عليهم أولاً، في تحريض صريح لإباحة قتلهم، فما كان من بعضهم إلا أن تراجعوا عن الخروج وبقوا حتى انقضت الصلاة ومن خرج منهم لحقهم مسلحو الميليشيا واعتقلوهم، ومن ذلك اليوم وأنا أصلي الجمعة في البيت». إلى ذلك ذكرت مصادر محلية في محافظة إب اليمنية التي تقع وسط اليمن أن مليشيات الحوثي استقدمت عدداً من مسلحيها لفرض خطيب لأحد جوامعها القديمة وسط لمدينة غير أن جموع المصلين رفضوه وأجبروه على مغادرة المسجد.
ويتكرر المشهد في أحد المساجد بمحافظة ذمار حيث رفض المصلونأان يعتلى المنبر غير خطيب الجمعة الذي اعتادوا على سماع الخطبة منه وعمدوا على إنزال خطيب الحوثيين من المنبر وأجبروه على مغادرة المسجد.
مصادر محلية في محافظات صنعاء وذمار وإب أكدت أن بعض المساجد في هذه المدن تحولت إلى أماكن تعم بالفوضى والمشاحنات بسبب فرض الانقلابيين خُطباءهم، وهو ما يرفضه بشده جموع المصلين ممن اعتادوا ريادتها والصلاة فيها، غير أن بعضها رضخت للأمر الواقع بسبب الاعتقالات والتعذيب التي تطال الرافضين، وهو ما دفع بالكثير من المصلين إلى ترك المساجد والعودة إلى منازلهم لإتمام الصلاة فيها.
ففي صنعاء وعلى مدار عام تسيطر الميليشيا ولا زالت على جميع منابر مساجد المدينة، وتواصل احتجاز وتعذيب خطباء المساجد المناهضين لمشروعهم الانقلابي ومن يعلن من المصلين الرفض لخطبائهم.
من جهته يقول لطف الحجي أحد نشطاء الفيسبوك في صفحته «للأسبوع الثالث على التوالي أغادر المسجد، متسائلاً ما الذي يحصل في مساجدنا؟ لماذا صارت تنفث رماد الحقد والعصبية في أوجهنا ؟ لقد حسسني الخطيب أننا مجرمون لعدم التحاقنا بالجهاد مع الجيش واللجان الشعبية، والأدهى والأمر أنه يقول يجب عليكم التبرع للمجهود الحربي ومن لم يجد لديه فواجب عليه الاقتراض لدعم جبهات القتال، أخيراً لم أستطع تحمل النبرة السلالية والحث على تقديس آل البيت - ويقصد بهم عبدالملك الحوثي وذريته وأنسابه - مساجدنا لم تعد للعبادة..حولوها سركاً لاستعراض حركاتهم البهلوانية».
ويتأسى عبده علي قايد على الحال الذي وصلت إليه بعض المساجد التي حولتها الميليشيا من منابر للنور إلى منابر للبث السموم والتفرقة والتحريض، فلم تعد المكان المقدس الذي تهوى إليه أفئدة المصلين، وقد أدت ممارسات الحوثيين إلى اختفاء أجواء السكينة والروحانية فيها فعزف عنها المصلون.