رمضان جريدي العنزي
لدينا أكثر من 170 ألف طالب وطالبة مبتعثون للدراسة في الخارج في مختلف التخصصات والدراسات، يدرسون في أكثر من 26 دولة على مستوى العالم، أن هذا الرقم الكبير في عدد الطلبة والطالبات، والانتشار الواسع في العدد الكبير من الدول،
يشكلون جبهة إعلامية ضخمة ومهولة لو تم استغلالها الاستغلال الأمثل والأدق والأصوب، أن الجدية في حشد هذا الكم الهائل إعلامياً يمنحنا دافعاً قوياً ومؤثراً يخدم قضايانا الوطنية بشكل جذري وفعال، وينتج لنا جبهة إعلامية وثقافية قوية وهادفة، إن بلادنا تتعرض لقصف إعلامي شديد ومركز ومدروس وعلى جبهات متعددة، تستهدف عقله وإدراكه ووحدته وكيانه، وتسعى إلى تقويضه وتفكيكه، لأهداف غاية في الشر والدمامة والبشاعة، ولذلك فإنني حينما أنظر إلى هذا العدد الكبير في المبتعثين والدول المستقبلة ذات الأهمية، يصبح لزاماً علي أن أطرق هذا الموضوع بشكل شفاف وواضح، أن الوسيلة الإعلامية أصبحت الآن سهلة وميسرة وفي متناول يد كل مبتعث ومبتعثة، والمعلومة والرأي يعبر من خلالها إلى قارات العالم بكل مدنها وأريافها وقراها خلال الجزء من الثانية، أن الإعلام سلاح فعال ومؤثر يضاهي في كثير من الأحيان فعل وتأثير رصاص البندقية، إننا بحاجة إلى من يكتب وينبه ويكرر ويبرز الإنجازات ويوضح التحديات ويدافع بشراهة وشراسه مبنية على الحقيقة والحال والواقع، أن القصف الإعلامي علينا شديد، ومدافع اللغو تناثر علينا بلا هوادة، وعلى ذلك يجب على مبتعثينا أن يشكلوا جبهة إعلامية تكون مؤثرة بالصوت والصورة والكلمة، وبذل الجهد التام والكامل في إيصال صوتنا وقضايانا العادلة إلى مراكز صنع القرار في البلدان التي يتواجدون فيها، بعيداً عن التراخي والهوادة والنوم واللامبالاة والبلاهة، إن على مبتعثينا تفعيل أدمغتهم في هذا المجال في عالم يحوطنا بالكوارث والكراهية ويبتغي لنا العدم والهاوية، هذا العالم المخيف يرسل علينا كل لحظة ضوضاء صاخبة دائمة تحاول أن تمنعنا من التفكير، ويحاول أن يدفع بنا إلى الركض إلى ما لا نريده، والعيش في الوهم والقلق والخوف ونهش بعضنا البعض الآخر، بسبب أو من دون سبب، إننا لا نريد المبتعث الذي يرى ويراقب كل ما يحدث ضد وطنه من عدوان إعلامي صارخ في البهت دون أن ينبس بنت شفة، أن على المبتعثين بجنسيهم التجرد من الوهن والخور والكسل واللامبالاة والوهم المزيف، والبدء في مقارعة الوحوش التي تريد أن تنهشنا من كل اتجاه، والاقتراب من الغابة، لمطاردة الأشرار بالعقل والمنطق والدليل والحجة الدامغة والكلمة النافذة والجملة المفيدة، وأن يصلوا لهؤلاء الأشرار قبل أن يصلوا إليهم، أن على إخواننا وأبنائنا المبتعثين أن يميزوا من هو الذئب ومن هو الصيق، وأن يتماسكوا حتى لا يصيبهم الدوار، لأن المشهد مهول، والمؤامرة علينا خطيرة، والعفاريت تطل علينا من كل حدب وصوب، والضباع على التلال القريبة والبعيدة ترقب ومستعدة، لهذا علينا أن نزيد من وعينا، وننهض بأصواتنا هنا وهناك، ونعيش الواقع المؤلم، أن الحملات الإعلامية المسعورة التي تمارس علينا نهاراَ جهاراً، غايتها إغراقنا باليأس والقنوط والوصول بنا إلى الشلل التام، إنهم يحاولون إحباطنا وجلدنا بما ليس فينا ومنا، وصولاً إلى السيطرة التامة علينا وعلى ثرواتنا، إن على مبتعثينا الأوفياء كلاً وفق إمكانياته المتاحة، أن يحموا بلادهم من الإعلام المضلل، وقبل ذلك عليهم أن يعطوا بلدهم الذي أعطاهم الكثير حق الاهتمام والرعاية، انتصاراً له، لأن الانتصار له انتصاراً للبشرية، وأن يمنع العصابات المتعطشة للدماء أن تلج أرضه الطاهرة، إن عليهم أن يجمعوا بين الذكاء والطموح وارتفاع الأخلاق والمبادئ، ليكونوا قادة الحق الأبلج، والصراط السوي، إن وطنكم يدعوكم للتحرك الهادف الفعال راجياً أن لا تخذلوه، وأن تبادروا للعمل الحقيقي المشرق الوضاء، ناقلين تفاصيل الحقيقة والمطالب العادلة، وأن لا تكتفوا بالتفرج فلن يجدي هذا التفرج نفعاً، في زمن تكالبت علينا وحوش العالم كلها بقضها وقضيضها، إن الارتخاء لا يصنع الانتصار، في زمن المذابح المستمرة، علينا جميعاً أن نعي ما يجري حولنا بسرعة، أو أن تستمر الذئاب في مواصلة العواء القبيح علينا.