شاجع غدفان الدوسري ">
دعوة للعيش بزمن الطيبين.. انتشرت في الآونة الأخيرة عبارة زمن الطيبين ويقصد بها ماضي الآباء والأجداد وحياة الكدح والشقاء والكل يتغنى بزمن الطيبين خصوصاً من هذا الجيل، ولا شك أن الماضي جميل أحياناً والكل عاش الماضي بحلوه ومره والجميع لا يعلم أيهم أفضل في حياته هل هو ما مضى أم ما بقي، وكله بعلم الله ومشيئته ويبقى الثبات على العمل الصالح من الإنسان فيما مضى وفيما بقي هو الأمان والاطمئنان له في مسيرة حياته الدنيوية، ونحن نعيش في هذا العصر من رغد العيش وسهولة المواصلات والاتصالات وحتى سهولة ويسر العبادات كالحج والصوم وأداء الصلوات في المساجد التي عمرت بأفخم بناء وفرش يدعو بعضهم للعودة لزمن الطيبين وأخشى أن يكون بطراً بالنعمة وعدم شكرها بتفضيل حياة الفقر والكدح والشقاء التي كانت في الماضي على نعمة الحاضر والعيش الرغيد بدعوى أن النفوس كانت هناك تختلف عنها هنا بهذا العصر وكأن في ذاك الماضي لم يكن القتل والنهب والعداوات والجهل والقبلية وحتى الجهل بأمور الدين ولم تكن هناك العادات والتقاليد التي لم ينزل بها الله من سلطان فلم يوجد مجتمع كامل أو مدينة فاضلة كما حاول أفلاطون وتلميذه أرسطو وخير العصور عصر وزمن محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه وهو أفضل العصور وخيرها لم يخل من الحسد والسرقة والزنا والعقوق والفقر والجوع فقد خرج عليه الصلاة والسلام هو وأبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- ولم يخرجهما سوى الجوع وأحدهم يربط بطنه بحجر من الجوع وهنا تربط المعدة من التخمة وفي ذاك الزمن رسولنا عليه الصلاة والسلام بعد أن أكل بعد جوعه يشكر الله على نعمه ويذكر {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} فكيف ما نحن فيه من نعم وسنسأل عنها واستعاذ عليه الصلاة والسلام من الفقر والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وأخشى بوجود مثل تلك الدعوات والأمنيات أن يكون بعضهم في مطلبه وأمنيته بالعودة للماضي وزمن الفقر والجوع أو ما يسمونه زمن الطيبين، وفي هذه النعمة أن يكون مثل بني إسرائيل عندما هلت عليهم النعم طلبوا الثوم والبصل والقثاء بدلاً من النعم والمن والسلوى وطلبوا الذي هو أدنى بالذي هو خير وللداعين للعودة لحياة الماضي وأعرف بعضا منهم يرددها وهو في قلب النعمة أن يتنازل عما هو فيه ويعيش بأحد الأحياء الفقيرة ويعيش مثلهم أو يذهب ليعيش بعض الوقت في الصومال أو أفغانستان أو السودان أو أحد الدول الإفريقية الفقيرةفهم يعيشون كما كان زمن الطيبين الذي يتغنى ويتمناه بعضهم والذي أراه من البطر والملل من النعمة فهناك تشابه بين ما عاشه الأجداد من فقر ومرض وجوع وخوف وبين ما يعيشه هؤلاء بهذه الدول والذي أسأل الله لهم الخير والعافية والأمن والأمان هذه دعوة لهم فهل من مجرب.. أما أنا فسأظل هنا شاكراً لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى وأستعيذ بالله من زوال النعمة وقد قال الرسول: (من أصبح منكم معافى في جسده آمناً في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا).
في الختام هذه دعوة لمن تغنى بالحلم بالعيش بزمن الطيبين للتجربة وبعدها سنسمع رده ورأيه كما سنسمع رأي ورد من عاش في ذاك الزمن وعاصرنا فلهم الرأي فهم أهل التجربة ودمتم بعز.