الاقتصاد عصب حياة ومنطلق حضارة.. والإدارة رأس الأمر في كل صدد ">
جدة - عبدالقادر حسين:
رعى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، أمس الأول انطلاق فعاليات منتدى جدة الاقتصادي 2016 تحت عنوان «شركات القطاع الخاص والعام.. شراكة فعالة لمستقبل أفضل»، بحضور رئيس وزراء ماليزيا محمد نجيب تون عبد الرزاق، ونائب رئيس وزراء تركيا محمد شيمشك، ووزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة، ورئيس مجلس إدارة غرفة جدة صالح كامل.
وألقى الأمير خالد الفيصل كلمة قال فيها: أنا لا أكتـب بالحروف أوهاماً.. ولا أنسج من الأفكار أحلاماً، وإنما، أستخلص من عبر الزمان دروسا، وأزيّن من ومضات الفكر عروسا، أرسلها مع ساري العمر ألحانا، لأهل الرأي والفكر أشجانا، إنها حالة التَحوّل.!! وما أدراك ما حالة التحوّل .!؟ هي حالة مرحلية وفترة زمنية لنقلة حضارية يصنعها الإنسان أو يفرضها الزمان.. وفي نظري أنها ترتكز على ثلاثة عناصر: ثقافة، واقتصاد، وإدارة. الثقافة: روح وفكر وسلوك لأنها دين وتعلم وإعلام، والاقتصاد: مال وتجارة، وهو عصب حياة ومنطلق حضارة، والإدارة: رأس الأمر في كل صدد فإذا صلح الرأس صلح الجسد، يحسبها الجاهلون مغنم فترة زمنية ويعرفها العالمون بحالات عصف عتية، فيها صدمات اجتماعية، وتقلبات اقتصادية وهزات ثقافية، ولكن فيها أيضاً، إمكانات إبداع فكرية.
وأضاف قائلا: وعلمنا التاريخ أن لكل تحول حضاري أزمات، ولكل مسيرة ولو نجحت وقفات، وللتحول حالات وفترات وظروف وله عقل وقلب وفكر وسيوف، وله آليات ودواعي، إن قاده العقل وحَكَمته المبادئ، أصاب وإن قاده الجهل وحَكَمته المساوئ، أعاب، ولقد سبق أن صنعنا التحول، وقدناه وأحسنا القيادة فأحكمناه، فكان عبدالعزيز بن عبدالرحمن، رجل الزمان والمكان، جمع الأفراد والقبائل والإمارات، ثم سلطنة نجد ومملكة الحجاز، فأسس دولة لها صولة وجولة، فنجحت الوحدة، واستتب الأمن، وابتدأ الخير يتدفق، والعلم والمال والبناء يتألق.
ثم تحدث عن الأعمال الإرهابية التي واجهتها المملكة بقوة وحزم من فئات تنكروا لأهلهم، وخانوا وطنهم ودولتهم وأرضهم، وما أعقب ذلك من وقفة ثبات من المتفقهين في كتاب الله .. ورفض التطرف من عاقل عباد الله، ومرت بنا فترة من الأمن والاستقرار وطفرتان مـن ثروة المال والإعمار استثمرنا بعضها وأهدرنا بعضها وعلينا أن نستفيد من دروسها.
ومضى سموه يقول: فالوضع اليوم خطير، والهجمة شرسة، والشر مستطير، والجرثومة نجسة، تديرها دول ومؤسسات وخبرات، وينفذها مرتزقون بإتاوات، هدفها الاهتزاز والابتزاز، واختلال التوازن بتشكيك المواطن، واتهام المسؤول بالتهاون، سخروا الإعلام لاستثارة الأنام، وزخرفوا الكلام ولفقوا الاتهام، ولا بد لنا أن نعترف: بأننا اليوم أمام تحوّل اجتماعي سريع، وانقسام فكري وثقافي مريع، ومع أن الغالبية تتمسك بالمبادئ الإسلامية القائمة على منهج الاعتدال والوسطية، إلا أنه على الشوائب والشذوذ تجتمع ضالتان، فهذا تكفيري وهذا انحلالي وكلاهما قاتلان، فماذا يحدث اليوم ؟! الوقت أسرع مما كان والويل لمن لا يفهم الزمان ويحمي المكان أصبحنا جزأ لا يتجزأ من العالم، والأخطار من حولنا تتفاقم، فلنفكر في الأمر بروية، ولتكن نظرتنا واقعية، التحوّل بدأ، والوضع الجديد نشأ، فلا بد من استكمال التنمية، لنحقق الأمنية، فلنتمسك بالإسلام عقيدة وحصانة وننفتـح على العالم بثقة وأمانة ولا نخشى الاستفادة من مكتسبات العصر مع الثبات على مبادئنا بكل فخر ولا بأس من أخذ المفيد من تجارب الغير فليس في طلب العلم والخبرة ضير نأخذ منها ما نريد على هوانا ولكن لا نسلم لحانا لمن يريد لها الهوانا.بدوره، عد رئيس وزراء ماليزيا محمد نجيب تون عبدالرزاق منتدى جدة الاقتصادي من أعرق المنتديات في المنطقة وينافس منتدى دافوس، مشيراً إلى أن ماليزيا تدعم شراكات القطاع العام والخاص مع المملكة، مثنياً على جهود المملكة في تنظيم الحج والترتيبات والتجهيزات التي تقوم بها لخدمة حجاج بيت الله الحرام، مؤكداً تكاتف ماليزيا مع المملكة في ترسيخ قيم الإسلام الحقيقية ومبادئه الحنيفة.من جانبه، نوه نائب رئيس وزراء تركيا محمد شمشك بمتانة الاقتصاد السعودي وتعامله مع مختلف الأوضاع بحكمة وسياسة راسخة، معرباً عن شكره للقائمين على منتدى جدة الاقتصادي في نسخته الـ 15 الذي يقام في ظروف يشهد فيها العالم تغيرات اقتصادية متسارعة تحتم على الجميع التكاتف والتعاون من أجل إيجاد الحلول لكل ما يعيق الاقتصاد بشكل عام.
من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة غرفة جدة رئيس المنتدى صالح كامل أهمية الشراكات في ظل الظروف الاستثنائية التي يواجهها الاقتصاد العالمي والسعودي. وقال: هبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، وبات المجتمع الدولي مجبراً على خوض حرب شرسة ضد الإرهاب الأسود الذي بات يشكل خطراً داهماً على الجميع، دون استثناء، وفي ظل هذه التحديات الكبيرة لم تتوقف المملكة عن تنفيذ مشاريعها العملاقة التي بدأتها في سنوات سابقة، بل فتحت الباب أمام القطاع الخاص للمزيد من الاستثمارات سواء من خلال تقديم حوافز جديدة أو فرص استثمارية أو فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب بنسبة 100 في المائة بدون وكيل، ولمس المواطن السعودي سرعة تفاعل وفاعلية أداء كثير من الجهات الحكومية والمؤسسات والهيئات العامة. وأضاف: أمام هذه المتغيرات بات من الطبيعي أن نسعى عبر منتدى جدة الاقتصادي 2016، الذي يقام في العام الجاري بشراكة استراتيجية مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ويجمع كوكبة من أبرز الخبراء، إلى تقديم رؤية دولية للتحديات الاقتصادية الإقليمية والمحلية، ونأمل ألا يتوقف الأمر عند عرض الرؤى والتصورات، بل عرض تجارب عالمية في الخصخصة والشراكة بين القطاع العام والخاص، تساهم في المزيد من المبادرات والأفكار أمام صناع القرار.