حنان الجعيدان
إن من غير المألوف على أي قارئ، عند الحديث عن أمر هام، أن يتم التعبير عن رأي شخصي فحسب،، بل من الضروري جدا التطلع لآراء عديدة ؛ ليكون مجمل الحديث صائباً، جامعاً لأكثر من 50 % من وجهات النظر المتعددة.
من هذا المنطلق، استشعرت مدى أهمية التطرق لموضوع المرأة من جديد، وأعلم أنه ليس بجديد، ولكنه من المواضيع التي تحتاج إلى التجديد كل فترة مع تقدم العصر وتطور أفكار المجتمع... وأحصر في هذا الكلام عن المرأة الحديث عن جزء معين يمتد لأجزاء أخرى متعددة يطول فيها الكلام.
ورغم التطورات الهائلة في السنوات الأخيرة، وتطور الإنسان في النواحي الثقافية، والاجتماعية، والمجتمعية، والدينية، والسياسية، والاقتصادية، وغيرها، إلا أن هناك حديث لازال مترسخ لدى أذهان الكثيرين، وهو الحديث عن «نقص عقل المرأة».
بل إن الكثير لازال يستدل بهذا الحديث في صدد إنهاء أي حديث لا يعجبه مع المرأة.
من هنا جاءت فكرة التطرق لهذا الموضوع ولكن بشكل آخر، جمعت من خلاله بطريقة العصف الذهني آراء وأفكار عقول نيّرة وجماعات ذات ثقافة عالية على مختلف الأعمار والتخصصات.
ومن بين ناقد ومؤيد ومقلل ومكثر ومنفتح ومتشدد كانت الأنظار تختلف وتتفاوت بها نسب كبيرة جدا في إعطاء الأهمية القصوى لهذا الموضوع ومدى الحاجة له.
استوقفتني بعض الآراء الجبارة التي ترفض الأخذ بهذا الحديث ضد المرأة، على الرغم من أنه أتى في صالحها ومن باب المديح لها والثناء عليها، وأن الشريعة الإسلامية لا يمكنها على الإطلاق أن تقلل من شأن المرأة أو الرجل، ولا الصغير أو الكبير، ولا العربي أو الأعجمي، فالحديث جاء بمجمله ويفهم في سياقه كاملا دون الأخذ بجزء منه وحسب، حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما ذكر هذا الحديث قال: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن « وعندما سألنه «ما نقصان عقلنا؟ «قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل!» ، وقد نبه الله تعالى إلى السبب الذي جعل من أجله شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فقال عز وجل {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى}.
النساء هم النصف الآخر للمجتمع وهذا أمر لا جدال فيه ولا مِراء، أما الحديث الذي تناول وصف النقص فهو عن الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة والسلام، فهو يتناول جزئيات معينة في الطبيعة البشرية للمرأة من نواحي دينية، وفي الجانب الآخر أن لديها غلبة العاطفة في الأحكام -وليس الرأي-، فمن النساء فمن فاقت في عقلها الرجال، وفي رأيها حكماء وعباقرة، وقد ورد في الحديث (أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن...
الحديث) وفي هذا دليل على أن النساء قادرات على التغلب على الرجال من حيث التغيير في كثير العادات ونمط التفكير و...الخ، وهذه ليست قاعدة عامة ولكنها مُشاهدة ومحسوسة، وهذا من المديح والعجب من الفطرة التي فطرت عليها الأنثى بشكل عام.
وفي تفسير العلماء أن هذا ليس تحقيراً أو ازدراءً من قدر المرأة والعياذ بالله، وحاشا أن يكون هذا من أخلاق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، أو أصحابه، أو تابعيه من العلماء، أو أن يكون هذا هو ديننا.
ولكن هذا في معرض التعجب والوصف أتى السياق.
وقد استدل علماؤنا بأن المرأة مؤتمنة على تربية الأطفال وعلى كثير من الأمور التي لا يؤتمن سواها في القيام بها فكيف يصح وصفها بالضعف العقلي أو الاختلال في الدين!!
ومن النساء (عائشة) رضي الله عنها الفقيهة العابدة التي اؤتمنت على الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت عادلة، حافظة..
ثم حفصة رضي الله عنها وهي المؤتمنة على القرآن، وعلى نسخته، وكانت حافظة له في زمن أبيها عمر رضي الله عنه.
فهل في هذا دليل على نقص أو ضعف! والأمثلة تتعدد.
ثم إنه في المقابل كان عمّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم كافرا، ومع ذلك فقد نصر محمدا وأعانه ولكنه لم يعتنق الإسلام إلى أن توفي، فلم لا نقول إنه «ناقص عقل»!! وقد أتاه الحق وصدق به ولكن لم يؤمن ولم يدخل الإسلام!
إن هذه الفكرة قد طرحها و غذّاها وأمر بتعميمها المستشرقون الذين أرادوا تشكيك المسلمين في دينهم، وفي الحديث، وفي تعاليم الدين، وشرائع الإسلام كافة، وغيرهم من الغرب والشرق وأعداء الإسلام والمسلمين.
- الأم (أنثى) وضعت الجنة تحت أقدامها بالنسبة لأبنائها ولو كانت كافرة ليس لها جزاء ولا يُستوفى دينها ويجب احترامها والبر بها.
- الأب (ذكر) له حق الطاعة وله في المقابل جزاء وهو إن تم أسره في حرب أو بيعه في سوق العبيد، فتحرير الابن له يعتبر جزاء بخلاف الأم وهذا ما ورد عن العلم! - المرأة (كافلة الأيتام) في الحديث زاحمت الرسول اللهم صلي وسلم عليه على باب الجنة! - المرأة لها الولاية على الأبناء القصر، ولها ولاية مستقلة على مالها ولها حق البيع والشراء وعقد العقود كافة! - وهي كالرجل في الحساب والعقاب والثواب والجزاء في الدين وليست غير مكلفة! و أمور عدة أوضحها العلماء حفظ الله منهم الأحياء ورحم الله منهم الأموات و جزاهم جميعا عن الإسلام والمسلمين خيراً.
وفي نهاية هذا الكلام ومجمله نذكر الرجال بحيث المصطفى «استوصوا بالنساء خيرا»، صَدق الإمام الشافعي عندما قال:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
لنرتقي بعقولنا وثقافتنا ونغير مفاهيم خاطئة باتت مترسخة في أذهاننا، لنعيش في مجتمع واع مثقف يسوده الفكر والتطور، ونكون يدا بيد ذكورا وإناثا قوامنا الشريعة الغراء والقول الحق.