قال تعالى: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره والتسليم بحكمه عز وجل تلقينا نبأ وفاة فقيدنا الغالي الأخ العزيز محمد بن عبدالله اليوسف (أبوعلي - ريحانة اليوسف) عن عمر قضاه في خدمة دينة ووطنه.. ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أتمثل بقول الحق سبحانه: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ نعم إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن, وإنا لفراقك يا أبوعلي لمحزنون.. الموت حق كتبه الله على كل حي في هذه الحياة، يقول سبحانه وتعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ وقال الله عز وجل: فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (34) سورة الأعراف..
بعد صلاة العصر من يوم الخميس أدت الجموع الغفيرة صلاة الجنازة على الفقيد (أبوعلي ريحانة اليوسف) في جامع الراجحي بالرياض, بعد غسله في مغسلة الموتى وشارك في تغسيله مع إبراهيم الحلوة ابنه وليد وابنه عبدالله (خطيب جمعة).. ثم نقل جثمانه بسيارة إسعاف إلى مقبرة النسيم في شرق الرياض ودفن فيها ,وسط أمواج من الحزن الصامت,كان موكب الجنازة صورة ناطقة لما يحتله (ريحانة اليوسف) من مكانة في قلوب أطياف المجتمع الصغير والكبير, المسؤول والوجيه، المواطن والمقيم، دعوات مخلصة لهج بها الجميع وهم يوارون أبوعلي الثرى بأن يتغمده الله بواسع رحمته وعظيم مغفرته ويسكنه فسيح جناته، اللهم اجعله في عليين برحمتك وعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين وبعد دفنه اتجه أخوانه وأبناؤه إلى منزله لتقبل التعزية، فكان منظراً رهيباً مهيباً يدل على مكانته في جماعته وحارته (حي المربع).
ولد أبوعلي في مدينة الرياض وشَب وترعرع في أحضان والديه في حلة القصمان ودرس المرحلة الابتدائية بمدرسة الخالدية بالمرقب وكان يشيد بأخلاقه وسلوكه مدير مدرسة الخالدية في ذلك الوقت المغفور له بإذن الله الأستاذ سعد عبدالله الدلقان.
يتمتع بأخلاق فاضلة، كان باراً بوالديه واصلاً لرحمه وأقاربه، صادق السريره، مستقيم السيرة، صاحب وجه بشوش وابتسامة صافية وضحكة حانية ,كان متواضعاً جميل المعشر محباً لأهل العلم حريصاً على أداء الصلاة في وقتها والمحافظة عليها جماعة، يحب ويسعى لعمل الخير للجميع، صادقاً ووفياً لوطنه وأهله ومحبيه كريماً أحب الناس فأحبوه، يمثل البساطة في كلامه وتعامله ومجلسه.
تزوج مرة واحدة من ابنة خالة والده بنت المغفور له بإذن الله محمد الزعاق من أهالي بريدة المعروفين بـ (عقيلات) وخلفت له خمسة أبناء :(علي، وليد، خالد، عبدالاإله، عبدالله ) و ثلاث بنات أكبرهن تعمل في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض.
يحفظ العديد من القصص الشعبية والاجتماعية كان محافظاً على شعائر الدين يحب الأعمال الخيرية لا يمل جليسه من مجالسته، جيد الألقاء.. وله إسهامات عديدة ونشاط مستمر في التلفزيون السعودي وبعض القنوات الفضائية والصحافة المحلية عن الآثار والتحف والتراث القديم. .وله متحف خاص في منزله (بالمربع) يحتوي على ثلاث أقسام ويعتبر أول متحف خاص بالرياض، ويملك مكتبة ضخمه تحتوي على العديد من الكتب القيمة والمراجع والمخطوطات كان يساهم في تزويد المكتبات العامة بالكتب القيمة (الدينية ,التاريخية, الاجتماعية, والأدبية) والمراجع المهمة في المناطق والمحافظات وبعض مكتبات المدارس في (الرياض، الدمام، القصيم) وكذلك تزويد مكتبات الجوامع والمساجد يوزع الكتب ويشجع على ذلك... حصل على العديد من الشهادات وخطابات الشكر والتقدير من عدة جهات حكومية وأهلية وكان في كل أعماله موضع التقدير والاحترام من ابناء المجتمع.. وقد أسهم في بناء وصيانة وترميم وتأثيث بعض المساجد في الرياض والقصيم والسودان، كان كريماً في بذله للمحتاج ,عطوفاً على الأطفال والمعاقين والأيتام.. وفقه الله لإصلاح ذات البين وحل مشاكل الآخرين، يهوى مطالعة الصحف اليومية المحلية، والتراث والآثار والسياحة المحلية وحضور المناسبات التي تنمي العلاقات وتقوي الروابط مع الأهل والأقارب والأصدقاء مع الحفاظ على التقاليد والتراث.
ريحانة اليوسف: لم يكن مليونيراً فيقدم المال ولكنه قدم ما هو أنفس من ذلك.. قدم ما هو أثمن من العقار لقد قدم خدمات جليلة اجتماعية وإنسانية وله مساهمات مع الجاليات العربية والإسلامية يرشدهم ويمدهم بما يحتاجون من الكتب الدينية والمراجع العلمية.. والعديد استفاد من خدماته ونشاطه يعطي كل ذي حق حقه في التقدير والاحترام، يرحم الصغار ويوزع عليهم الحلوى (الحلاوة) ويقدر الكبار وينزل الناس منازلهم.. ويشارك مشاركة فعالة في المناسبات الوطنية ومناسبات هيئة السياحة والآثار ومعارض التراث والجنادرية ووظف نشاطه لأعمال الخير والبر والإحسان وصلة الرحم والأقارب. .
أبوعلي: عمل مع والده جنباً إلى جنب خلال رحلة والده التجارية (بيع الذهب والمجوهرات) في سوق الذهب بحلة القصمان بالرياض ثم بعد ذلك استقل في محل باسمه لبيع الذهب والمجوهرات ثم اختاره رجل الأعمال المعروف (عبدالعزيز بن صالح العثيم) للعمل معه نظراً لخبرته الطويلة في بيع وشراء الذهب والمجوهرات عندما بدأ بافتتاح محلهم للذهب واللؤلؤ وبقى معه حتى أصبح من كبار تجار وتصنيع الذهب واللؤلؤ في المملكة والخليج العربي.
اللهم اغفرله وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما تنقي الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، وادخله الجنة واعذه من فتنة القبر، ومن عذاب النار اللهم نور مرقده وعطر مشهده، وطيب مضجعه، وآنس وحشته ونفس كربته وقه عذاب القبر وفتنته وجازه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً.. اللهم كن له بعد الحبيب حبيباً، ولدعاء من دعاء له من المسلمين سامعاً ومجيباً،وأنزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور.
ورثاه الشاعر عبد الرحمن بن عبدالله العمير بقصيدة عمودية وكذلك الدكتور الشاعر عبدالله بن سليمان البرقان رئيس لجنة الاحتراف في الاتحاد السعودي لكرة القدم أشاد فيها بإخلاصه وأمانته وحبه لأعمال الخير وتوزيع الحلوى (الحلاوة) على الأطفال كما رثاه الشاعر الشعبي طارق اليوسف « أبوعلي طيب ساسة ورأسه من تعرفه ماتمله..الخ» وكذلك الأستاذ الشاعر فيصل البراهيم بقصيدة رائعة ,وقالت عنه الدكتورة/خلود بنت عثمان الصوينع إنه نموذج متميز في البر وصلة الرحم والتواصل.. وفي يوم الجمعة ذكره بالخير خطيب وإمام جامع التركي بالغرابي الشيخ محمد البرقان وأشاد بأعماله الخيرية.. وامتدح أعماله ونشاطه وتواصله في أمسيه بعد صلاة العشاء من يوم الجمعة الماضي الدكتور سليمان بن عبدالله المنيف، وقالت عنه ابنة أخيه أفنان :»عمي أبوعلي ريحانة اليوسف إنسان طيب دائماً مبتسم يضحك، يسامح كثيراً, يتجاهل كل ما يؤلمه ! لكنه مات ولا أحد يعلم مابداخله..»سيظل أبوعلي ريحانة اليوسف بإذن الله حياً بأعماله الطيبة والخيرية. .. (فاصنع لنفسك قبل موتك ذكرها.. فالذكرى للإنسان عمر ثانٍ) وأقول لأولاده (الأبناء والبنات) والدكم ذهب، والكل يحبه واستمروا على نهجة في أعمال الخير والبر والصلة ولا تختلفوا ولا تتفرقوا من بعده «
إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .
- يوسف العبدالله اليوسف