خالد عبدالعزيز الحمادا ">
هناك تحليلات وقراءات أن هناك حرباً عالمية ثالثة بين أمريكا وحلفائها وروسيا وحلفائها، وفيما يبدو لي أنها قراءات وأحاديث مجالس أكدها قصف الطيران الروسي في الأجواء السورية، فالتضجر من واقع الأزمة السورية وعدم إيقاف نزيف الدم جعل البعض يرتبك تفكيره وتتشوش رؤيته، وروسيا لم تكن يوما ندا لأمريكا أبدا، حتى في الحرب الباردة هي صحيح تملك مساحة أرض وثروات طبيعية ومخزونا كبيرا من الموارد، هي قارة غنية جدا، فروسيا كدولة لا أحد يستطيع حصارها ولا خنقها ولا أحد كذلك يغزوها وينجح في هزيمتها، فالتضاريس والمساحات الشاسعة والبرد القارص والثلوج تهلك أي معتد على روسيا، ولذلك أكبر خطأ سياسي ارتكبه هتلر هو غزوه لروسيا وكذلك نابليون.. والقيادة والزعامة على مستوى الأفراد والمؤسسات والدول هي قدرات ومواهب وإمكانات، فمهما أعطيت من الثروات والإمكانات لن تستطيع السيطرة والزعامة، وأنت لا تمتلك الرؤية الثاقبة والفكرة المفتوحة الناضجة، وهذا سبب هزيمة روسيا وتفككها وضعفها، فالفكرة والثقافة والعقلية التي تحركها غير مؤهلة ومنغلقة وأيام الحرب الباردة كانت مهددة ومحاصرة بالقواعد الأمريكية من كل مكان، فما بالك اليوم وهي مهزومة ومفككة وهجر معظم علمائها وفككت مصانعها تفكر أن تنافس أو أن تتحدى أو أن تتخذ مسارا معارضا لأمريكا ومعارضتها في مجلس الأمن ضد التدخل في سوريا ليس دليل قوة، وإنما هو صوت من تركة الحرب العالمية، فبعد أن خططت أمريكا ورسمت مسار العالم، أعطت دول التحالف الصوت الأقوى (الفيتو)، ولو أرادت أمريكا التدخل ما انتظرت حتى جلسة مجلس الأمن، لكنها أرادت أن تحقق مآربها وأن تجعل روسيا هي سبب كل ما يجري في سوريا، فالحرب تسير في الاتجاه الذي تريده أمريكا، فأعداؤها كلهم يتوافدون ويلتقون في الأرض السورية، وهي فرصة لن تضيعها أبدا، حتى روسيا بغبائها الآن تتدخل بثقلها للدفاع عن الأسد، وهذا التدخل السافر للدفاع عن سفاح ومجرم هذا دليل تعنت وعنجهية وهزيمة، وهذه العقلية يستحيل أن تجعل من روسيا بلدا مهيمنا ومسيطرا وقائدا، فهي تستطيع أن تمارس نفس السياسة الأمريكية بأن تدعم وتساند دولا أو جماعات للقتال نيابة عنها، بدلا من أن ترمي بكل ثقلها في خضم المعركة.
وأخيرا فليس هناك حرب عالمية وإنما هناك اضطراب وقلاقل في منطقتنا لا تحبذ أمريكا لها أن تهدأ، واستمرارها يصب في مصلحتها وفرصة لها كي تستنزف أعداءها، فهذه سياستها في سيطرتها على الدول والقارات.