د. مساعد بن عبد الله النوح ">
المطار هو إحدى الواجهات الحضارية للمدينة، فتنظيمه، ونظافته، وضبطه، محل نظر كل من يزور المدينة، بل وربما محل تحسس كل من في فكره تخطيط مسيء للمدينة، وفي قلبه هوى مغرض. وتزداد أهمية المطار عندما يكون في عاصمة الدولة. وإذا كان الكمال ليس من صفة عمل البشر، إلا أنه يظل مطلباً مهماً له ولاسيما عندما يتعلق بالأمن القومي للدولة.
مطار الملك خالد الدولي بمدينة الرياض واحهة إعلامية حقيقية لجمال مدينة الرياض، وصرح مشرف لنا نحن السعوديين، وجهود الجهات الحكومية والقطاع الخاص فيه ملاحظة ومشكورة، وإن كانت لا تنتظر شكراً من أحد؛ لأنها تعتبر أداء مسؤولياتها على أكمل وجه واجب يفرضه عليها الدين، وقوانين العمل، والواجب الوطني.
لجوازات مطار الملك خالد جهود جبارة لا يشكك فيها إلا أعمى البصر والبصيرة داخل المطار ومع العاملة النسائية الوافدة من مختلف المهن، حيث يلاحظ الكفيل الخدمة الواعية عندما يأتي لأخذ مكفولته.
لكن هذه الجهود ناقصة مع العاملة الرجالية الوافدة، إذ تتوافر صالات الانتظار لعموم القادمين للرياض، يجلس بعض منها في هذه الصالات، وبعضهم الآخر يجلس خارجها وتحديداً بجوار مواقف التكاسي، وهؤلاء يمثلون الأكثرية التي رأيتها على فترات متفرقة، مما قد تفهمه هذه العمالة بسهولة التحرك والتنقل بيسر.
لقد رأيت مشاهد مؤلمة من العاملة الرجالية الوافدة، حيث يجلسون بأشكال غير منظمة وغير لائقة خارج صالات المطار تنتظر الكفلاء حتى يحضروا. أشكال لا تليق بسمعة الدولة، ولا بوجاهة المطار.
وفي هذه الحالة أجد عذراً للعمالة، فهي جاءت من مجتمعات مختلفة عن المجتمع السعودي ثقافياً وأمنياً، ولم تجد أماكن مخصصة لها على غرار العمالة النسائية. ولم تجد إرشادات بلغتها تساعدها على التصرف القانوني، إذ إن عدداً كبيراً منها لا يجيد اللغتين العربية والإنجليزية، والمتوافر من الإرشادات باللغتين العربية والإنجليزية. وبالتالي يبقى تأثير هذه الإرشادات غير نافع.
وليس سراً فقد حصل معي أن خرج سائقي حديث القدوم للرياض الأسبوع الماضي مع قريبه، وأنا أنتظره عند صالة القدوم في الصالات الدولية ثلاث ساعات رغم أن الطائرة وصلت كما هو محدد في تذكرة القدوم. وبالاتصال بمكتب الاستقدام الذي تولى إجراءات استقدامه أفاد بأن لا أنزعج فقد خرج مع قريبه ليرتاح، ولم يحضر لي إلا بعد قرابة 24 ساعة من قدومه، كما أفاد بأن هذه الحال تحصل كثيراً ومعروفة لدى العاملة ومكاتب الاستقدام.
ولهذا التصرف غير المحسوب دلالات خطيرة، ولا أشك أن مسؤولي الجوازات لا يرضون بها؛ لأنهم رجال أمن في المقام الأول، ومواطنون، ومن هذه الدلالات:
معرفة العاملة بأنه لا يوجد ضبط لها بعد الخروج من صالات المطار، وهذا قد يجعلها تتصرف بما يسيء للأمن الداخلي، فعدد من هذه العمالة جاء من بيئات اجتماعية وثقافية مختلفة عنا. وعليه، فمفهوم الحرام والعيب لديها يختلف عن المفهوم ذاته لدينا، وربما لها سوابق أمنية في مجتمعاتها، وعندها من مهارات الجريمة الشيء الكثير.
معرفة العمالة بأنه الكفيل سيضطر لقبولها والعمل لديه؛ لأنه محتاج لها ولا يستغني عنها. فأسعار تأجير العاملة مرتفعة، واستقدامها يطول كثيراً.
معرفة العمالة مسبقاً بأن هناك أسراً تحتاج إلى خدماتها في حالة رفض الكفلاء الأصليين لها دون الاهتمام بما حصل منها في المطار.
رغبتها في التقاط صور وعمل فيديوهات وإرسالها لجهات مغرضة، لعمل برامج إعلامية وإعداد تقرير عن إساءة السعودية للعمالة الوافدة، ولا يخفى على أحد تسابق العديد من هذه الجهات للإساءة لبلادنا حماها الله.
ومن الحلول المقترحة والتي أتوقع أنها تحاصر هذه الظاهرة وتقضي عليها:
تخصيص صالة مجهزة للعمالة الرجالية تتناسب مع طبيعتها، ولا يخرج العامل إلا بإجراءات حازمة، وذلك على غرار العاملة النسائية الوافدة.
توفير ملصقات لدى كبائن الجوازات التي تتفحص الوثائق بلغات العمالة، بحيث يحصل العامل عليها فور الانتهاء من تسجيل الجوازات دخوله للمطار.
تكليف عدد من العسكريين بالتجوال في الخارج ومنع كل عامل من البقاء على غرار رجال المرور الذين يمنعون الوقوف غير النظامي بجانب الصالات.
سن عقوبات مشددة لكل من يتأخر من الكفلاء عن الحضور لاستلام عمالتهم في أوقات الوصول المحددة في تذاكرهم.
للجوازات خبرات سابقة سارة في التعامل مع العاملة الوافدة أسهمت في الحد من عبثها، لكني استغرب من سكوتها على هذه المشاهد في المطار، وليس من حقي اتهمها بأنها غير مدركة لخطورة هذا التصرف، فربما لديها مبرر لسكوتها على هذا الانتشار للعمالة خارج صالات المطار.
ومهما يكن المبرر، فالجميع يتفق أن التخطيط السليم والمراجعة المستمرة للإجراءات سيولد نتائج إيجابية للمجتمع والمواطن والعامل نفسه. فكل من يرى ويلمس الضبط الواعي منذ دخوله للمطار سيراجع نفسه عندما تسول له التفكير بأعمال عبثية.
وفق الله الجميع.