عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشير إلى ما نشر في صحيفة الجزيرة الخميس في اليوم الثاني من شهر جمادى الأولى لهذا العام (1437هـ) بعنوان (أكد على المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام والتواصل الإيجابي معها) بمناسبة اختتام معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبدالرحمن المسند (ورشة عمل المتحدثين الرسميين للهيئة بديوان الرئاسة).
أقول نشكر معاليه والقائمين معه على هذا المرفق الحيوي والمهم في مجتمعنا السعودي المعطاء والذين لهم جهود يشكرون عليها، جهود يشاركون إخوانهم من المشايخ والعلماء المتمكنين من الشريعة الإسلامية بغزارة علمهم وفتاويهم المعتمدة على كتاب الله وسنة نبينا نبي هذه الأمة المحمدية عليه أفضل الصلاة والتسليم، هذه الفتاوى التي ليس فيها غلو أو تطرف، فتاوى الوسطية، لأن ديننا يحثنا على هذه الوسطية ومنسوبو هذه الهيئة من العاملين في الميدان لهم جهود نلمسها ونحس بها في مكافحة التطرف والنصح والإرشاد ومكافحة المحذورات من مسكرات ومخدرات وتتبع العاملين والقائمين بالشعوذة والسحر، فكم قضوا واجهضوا على كثير من المسكرات والمخدرات في أوكارها، وكم أبطلوا وقبضوا على هؤلاء المشعوذين والسحرة الذين يمارسون هذه المهنة، مهنة الشرك بالله وسلب جيوب بعض الناس السذج وبما فيها من نقود وتقديمهم للقضاء الشرعي ليقول كلمته في حقهم، ولا ننسى أيضاً جهودهم في كبح مواقف الابتزاز من قبل بعض ضعاف النفوس قبل أن يبتزوا ويوقعوا ببعض الفتيات وبعض النساء، فهذه جهود تذكر فيشكرون عليها، إلا أن هناك بعض منسوبي الهيئة من العاملين في الميدان والتابعين إلى مراكز الهيئة في معظم مدن ومحافظات المملكة شرقها وغربها شمالها وجنوبها - مع الأسف - لم يفهموا معنى الاحتساب على حقيقته والذي رسمه الإسلام وبينه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه لا من خلفه ولا من شماله ولا من يمينه، وكذلك أوضحه نبي الأمة المحمدية - صلى الله عليه وسلم - وبينه بعد ذلك الصحابة - رضي الله عنهم جميعاً - واحد يلي الآخر، وتبعهم بعد ذلك علماء هذه الأمة الإسلامية ومن ضمنهم علماؤنا ومشايخنا. وكل هذا البيان وهذا التوضيح يدل على شيء واحد هو (الرفق واللين) يقول رسولنا الكريم (ما كان الرفق في شيء إلا زانه)، ويقول الله تعالى {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}، ويقول رسول الرحمة (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وهناك قول وأثر بما معناه (أن أكثر من يدخل الجنة أحسنهم أخلاقاً)، فما يحصل من بعض منسوبي الهيئة العاملين في الميدان لا يمت للاحتساب بشيء بل هو تنفير وبغض يحمله بعض أفراد المجتمع تجاه هؤلاء، لأن الإسلام دين محبة وأخوة فالإسلام دين رحمة وعطف فكيف يسمح هذا وذاك بمطاردة فتاة أو امرأة أو شباب لم تثبت أدانتهم بمرد شك. الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول (من رأى منكم منكراً فليغره بيده أو لسانه أو بقلبه)... الخ أما الشك والتخيل فهذا ليس من أسباب إزالة المنكر إذا كان هناك شك فكم، رأينا مشاهد تضحك المشاهد الإسلامي والعربي بهذا التصرف العنجهي لأننا في دولة الإسلام دولة مهبط الوحي تطبق الشريعة الإسلامية فكيف يحصل هذا وكيف يسمح الإسلام لهذا وذاك، أين غيرته على بنات المجتمع اللاتي همن من جلدته فكيف يسمح لنفسه يشد شعر الفتاة وطرحها أرضاً كما حصل في بعض الأسواق التجارية، فهذا غيض من فيض، فكم رأينا وشاهدنا في وسائل التواصل الاجتماعي من هذه الصور والمشاهد المخجلة التي راح بعضها ضحايا لهذه الأفعال من قبل بعض رجال الهيئة، وكم حصل من تشتت في بعض الأسرار والبعض الآخر تسببت الهيئة في حالات من الطلاق، وقد يقول قائل هذه حالات فردية ولا يحكم بموجبها فأقول صحيح لكن هذه الأفعال والمواقف تعم وتنسحب على جميع منسوبي الهيئة من ميدانيين وإداريين لأنها تكررت في أكثر من موقع وفي أكثر من مدينة لأن بعض هؤلاء العاملين في الميدان تسيرهم أفكارهم وأمزجتهم لأنه إذا حصل الموقف ينسى هذا المحتسب أو هذا الفرد جميع التعليمات وجميع الأنظمة واللوائح التي تحدد وتوضح عمله وكيفية التعامل مع المواقف البشرية والإنسانية، لأنه نسى أو تناسى أن المواطن والمقيم على هذه الأرض الطيبة أرض الحرمين الشريفين التي شرفنا الله بخدمتها، نسى أن الإنسان له احترامه واحترام آدميته لأنه بشر مثله مثل هذا العضو، الله سبحانه وتعالى يقول {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ }، والكرامة تأتي باحترام حقوقه وإنسانيته وآدميته حتى لو كان على غير ملة الإسلام لأنه آدمي يستحق هذا الاحترام وكرمه الله عن (الدواب والحيوان)، لأن الله ميزه بالعقل. فأقول لمعالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يعرف منسوبو الهيئات الميدانيون (أن المنكر لا يعالج بمنكر أكبر من هذا المنكر)، بل بالإصلاح والستر، وأن ينظر في إصدار عقوبة مشددة ومغلظة مع التشهير مع عدم ذكر الاسم إنما نشر الرقم الذي يحمله العضو في الصحف إذا أمكن ذلك، لأن هناك عقوبات صدرت ولم تردع بعضاً منهم، ولعل هذا يكون رادعاً لكل من تسول له نفسه التخطي والقفز على اللائحة التي تحدد عمله. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. (وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه).
- مندل عبدالله القباع