بندر عبدالله السنيدي ">
أُتيحت لي الفرصة مع عائلتي لزيارة مهرجان الجنادرية الثقافي الثلاثين.
كان ذلك قبل انتهاء المهرجان بيوم واحد فقط. قررت أنا وأسرتي الخروج ظهر الخميس الذي يسبق انتهاء المهرجان. كل ذلك تلبية لرغبة أطفالي، وأخص بالذكر ابنتَيَّ صبا وغسن؛ لأن ابني عبد لله قد زار المهرجان مع مدرسته أسعد بن زرارة الابتدائية.
وأنا هنا أتقدم بالشكر الجزيل لإدارة المدرسة على ما قامت به؛ ليتعرف أبناؤنا على ماضٍ عاش فيه آباؤهم وأجدادهم حياة كانت قاسية. كذلك ليدركوا ما نحن فيه من نِعَم، ويحمدوا الله عليها، وليكون ذلك دافعاً لهم للحفاظ على الوطن ومقدراته وممتلكاته.
المدارس خُصّص لها وقت محدد لزيارة مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، وهي خطوة - كما ذكرتُ - جميلة، تُشكر عليها وزارة التعليم، وكذلك وزارة الحرس الوطني المعني الأول بمهرجان التراث والثقافة.
عوداً على سابق حديثي عن رغبة ابنتَيَّ صبا وغسن في زيارة الجنادرية، فقد قررتُ تلبية رغبتهن. كل ذلك لتطلع بناتي الصغيرات إلى ماضٍ عاشته السعودية قبل توحيد المملكة العربية السعودية.
غادرت المنزل الساعة الثانية ظهراً، تصحبني عائلتي، رغم أن بوابات المهرجان للعوائل تفتتح عند الساعة الرابعة عصراً.
كان الهدف هو الوصول إلى المهرجان مبكراً، أي مع قرب افتتاح المهرجان. وصلنا لموقع مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، وإذا بتكدس كبير للسيارات؛ ما يوحي بأن الزوار كثيرون.
ولكن التنظيم الذي يقوم به رجال الأمن من قطاعات عدة، يأتي في مقدمتها الحرس الوطني، سهّل مهمة إيقاف السيارات.
ترجلنا من السيارة، ودخلنا مكان المهرجان الذي يعتبر مفخرة لكل سعودي. وإذا بالعروض والفعاليات على قدم وساق.
زرنا جناح الأمن العام التابع لوزارة الداخلية، وإذا بعروض جميلة، تطمئن المواطن السعودي بأننا بأمن وأمان - بإذن الله -.
اتضح ذلك من خلال العروض التي توضح وتبيّن قدرات تحلى بها رجال الأمن، وأنهم على أهبة الاستعداد لحماية الوطن - بإذن الله -. مشاركة الجوازات في المهرجان أوضحت ما وصل إليه الحال من خدمات تُقدَّم للمواطن، تنم عن قدرات إلكترونية رائعة، الهدف منها خدمة المواطن في المقام الأول. ما شد انتباهي، وأحرص على زيارته دائماً، هو جناح منطقة القصيم؛ إذ يتخلله عروض جميلة، تحكي عن واقع قديم، عاشه أجدادنا، وأتحفنا به شباب أهل القصيم.
لعبة (طاق طاق طاقية) اللعبة الشعبية المشهورة، وكانت سيدة الموقف وجاذبة للزوار. طلب المنضمون من الحضور مشاركة صغار السن؛ فلم أتردد في الزج بابني عبد لله للمشاركة.
وكانت مشاركة جميلة جداً. (الدنانة)، تلك اللعبة القديمة التي يستخدم فيها إطار الدراجة الهوائية الحديدي، ويتم قيادتها بقطعة حديد، كانت أيضاً من الأشياء اللافتة للنظر والممتعة. المضحك في الأمر هو سؤال ابنتي صبا: ما هذه يا أبي؟ قلت لها: هذا (آيباد) الأولين.
لتوصيل الصورة بشكل سلس وميسر لابنتي ذات السنوات التسع أن هذه اللعبة تعتبر وسيلة للترفيه آنذاك في وقت آبائنا وأجدادنا.
طلبت من ابنتي صبا وابني عبد الله أن يشاركا في ركوب الجمل، ولبَّيا رغبتي في ذلك، وكانت مشاركة منهما جميلة جداً، وممتعة لهما، وقبل ذلك لي بوصفي أباً قريباً من أبنائه. بعد ذلك علمتُ أن الهدف من مشاركة أبنائي هو التقاط صور للمشاركة بها في وسائل التواصل الاجتماعي كـ(إنستقرام) و(تويتر) وغيرهما. مشاركة الدول الخليجية والعالمية كانت لافتة لجميع الزوار.
فمن الدول الخليجية جناح دولة البحرين الذي يميزه الحلوى البحرينية.
كذلك الجناح الذي تشارك به سلطنة عمان الشقيقة. أما من الدول العالمية فما شد انتباهي هو حقيقة إقبال الزوار على الجناح الألماني (ضيف المهرجان الوطني للتراث والثقافة لهذه السنة - الجنادرية ثلاثون)؛ إذ يوفر الجناح الألماني أرضية خصبة للتبادل العلمي والثقافي بين المملكة وألمانيا. المشاركة الألمانية عُرض فيها تجربة العيش داخل مدينة نمطية عبر زمن قديم.
تلك المدينة النمطية عُرض فيها الحياة التقليدية في ألمانيا بداية من القرون الوسطى، شاهد فيها الزوار الشوارع الألمانية، والبيوت نصف الخشبية المبنية على الطراز التقليدي، وكذلك ساحة لسوق تاريخي، تحتوي على بئر مبنية بالأحجار ومقهى قديم.
مشاركة دول أجنبية في مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة أعتقد أنها خطوة جميلة، توحي بمستقبل زاهر للمهرجان - بإذن الله -؛ ليكون مهرجاننا الثقافي مَعْلماً سياحياً في القريب العاجل، تُشَدُّ له الرحال من جميع أنحاء العالم.