محمد آل الشيخ
استطاعت قناة (الإخبارية) الفضائية أن تحصل على شريط فيديو موثق لأحد كوادر (حزب الله) في اليمن، وهو يُدرب فتية حوثيين؛ ومن ضمن ما ذكره هذا الكادر في الشريط أنه يخطط لاختراق الأراضي السعودية، ليغتال القائد العسكري السعودي على الحدود، ثم يتسلل آخرون إلى العاصمة الرياض لتنفيذ عملية انتحارية إرهابية؛ وكأنه كان ينتظر أن يتبرع واحد من الحوثيين الذين يدربهم، لتنفيذ المهمة.
القضية كما هو واضح قضية إرهابية، مكتملة الأركان وموثقة، ولا مجال لإنكارها والتملص من تبعاتها، ما يجعل تصدينا لهذا الحزب، وملاحقته، والعمل على تصنيفه كمنظمة إرهابية لدى هيئة الأمم المتحدة، سيحاصره عالميا فعلا، لا قولا، ويضعه في (خانة اليك) كما يقولون؛ ومثل هذا التصنيف الأممي سيضرب هذا الحزب الإرهابي في مقتل، وسيجعل إيران التي يسعى رئيسها إلى طمأنة الغرب بتخلي دولته عن الشغب والإرهاب في مأزق أيضا.
لبنان الدولة اليوم يجب أن تحدد خياراتها، فبعد هذه الوثائق المثبتة لا مجال لهذا الحزب لأن يتنصل من مسؤوليته عن الإرهاب، وطالما أنه جزء لا يتجزأ من الحكومة اللبنانية القائمة، فهذا يعني أن (لبنان الرسمي) يدعم الإرهاب وجزء من وزراء حكومته إرهابيون، بانتمائهم لهذا الحزب؛ أما القول إن الداعم فصيل من الفصائل السياسية اللبنانية، وليس الحكومة، فمبرر لا يمكن قبوله، فهذا الفصيل هو أقوى الفصائل، ويسيطر على قرارات الحكومة ويوجهها كما يشاء، ويملك ذراعا عسكرية، موازية للجيش الرسمي؛ وحيث إن بقية الفصائل انضمت معه في حكومة ائتلافية، فلبنان الرسمي بكل فصائله يجب أن يدفع الثمن، لأنه ضمنيا يتحمل المسؤولية، وليس هذا الحزب فقط.
رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق اغتاله هذا الحزب الإرهابي، حسب إدانة المحكمة الدولية، ورفض الحزب أن يُسلم المتهمين لمحاكمتهم، ورغم امتناعه عن تسليم المطلوبين، أذعن اللبنانيون لسلاحه، وأدخلوه وحلفائه في عدد من الحكومات الائتلافية؛ أي أنهم رضخوا للإرهاب صاغرين، وهذا شأنهم؛ لكن أن يتجرأ هذا الفصيل المختبئ خلف الحكومة اللبنانية، ويخطط لاستهداف أمننا، واستقرارنا، فهذا ما لا نقبل به، مهما كانت التبعات، حتى وإن كانت هذه التبعات كارثية على لبنان نفسه؛ فأمننا واستقرارنا خط أحمر لا يمكن التسامح عمن ينتهكه مهما كان الثمن، لذلك كله، وأمام استهتار هذا الحزب، ومغامراته، وصمت المتحالفين معه حيال هذه الاعتداءات، يتحتم على دول الخليج شعوبا وحكومات أن يواجهوا هذا التهديد الخطير استباقياً بحزم وقوة، وأن نرفع مستوى التصعيد دبلوماسياً إلى الدرجات القصوى، والضغط عليه اقتصادياً، بكل الوسائل، كي يشعر المواطن اللبناني، الذي راعيناه كثيرا، أن صمته على (بلطجة) هذا الحزب، ومن يقف معه ومن يسانده، هو من يتحمل المسؤولية في ذلك؛ فإذا كان بعض اللبنانيين يتحالفون بشكل علني مع الإرهاب، ويستهدفون أمننا، فالبعض الآخر بصمتهم مسؤولون، وعليهم بالتالي أن يدفعوا الثمن وإن كان على حساب لحمتهم الوطنية، ولن يلومنا في ذلك أحد؛ فكما يقولون: (يداك أوكتا وفوك نفخ).
لقد تعبنا وعانينا الأمرين من الإرهاب طويلا، والإرهاب لا دين له ولا مذهب، سواء كان سنيا أو شيعيا، فالنتيجة في المحصلة واحدة. ويبدوا أن اللبنانيين لم يأخذوا (سلمان الحزم) بجدية، بدليل ظنهم أن رئيس وزراءهم إذا شد رحاله إلينا واعتذر، ستعود المياه إلى مجاريها، ويتم -كما يقول إعلامهم- تطويق الخلاف. القضية -يا سادة- ليست خلافا، ولم تعد مجرد (شتائم) لا مسؤولة من على المنابر الإعلامية، إنما هي قضية وجود، لا مساومة حيالها أبدا.
نعم.. نتحمل نحن جزء من المسؤولية، لأننا وقفنا إلى جانبهم في كل شيء، وتحملناهم، فكانت النتيجة أنهم، وبكل نكران للجميل أن (عضوا) اليد التي وقفت معهم وأنقذتهم لأكثر من مرة، سياسياً واقتصادياً، وعملوا جاهدين على إلحاقنا بالعراق وسوريا، الدولتان التي أنهكتها مغامراتهم المجنونة.
ويبدو أنهم -أيها السادة- لا يفهمون إلا لغة القوة والحزم؛ فحافظ الأسد، ثم الولد، كان حين احتلاله لهم، يعاملهم بقوة لا تعرف الرحمة، فأذعنوا له، وقبّل كبرائهم الأرض بين يديه، واستكانوا له بمعظم طوائفهم.
حزب الله لا ينفع فيه إلا المواجهة؛ وطالما أن كل عوامل القوة هي في أيدينا، وإثباتات إدانة هذا الحزب لا يُكابر عليها إلا مغالط أفاك؛ فيجب مواجهتهم، ومواجهة من يعتذر لهم، وليذهبوا إلى إيران، لتعوضهم عن الخسائر التي سيتكبدونها سياسياً واقتصادياً وأمنياً لعلهم يكتشفون أنهم بأفعالهم ومؤامراتهم كانوا يلقون بأنفسهم إلى التهلكة.
إلى اللقاء