فيلادلفيا - عبدالمحسن المطيري:
يتناول فيلم «The Big Short» بشكل دقيق التفاصيل التي تسببت في الأزمة المالية الأمريكية في العام 2008، والتي فقط بسببها الأمريكيون الملايين من الوظائف، وخسر الكثير منازلهم، وإنهار ما يقارب 14 عشر بنكاً أمريكياً.
ويستعرض الفيلم بالكثير من الشفافية الارتباط الوثيق بين الأزمة والطريقة الملتوية التي كانت البنوك الأمريكية تصنعها خصوصا مع شركات التقييم والتي كانت تتعاون بشكل موثق مع بعض البنوك الأمريكية من أجل رفع التقييم الائتماني للبنك وبالتالي رفع الفائدة، والتي بسببها لم يستطيع الكثير من ملاك المنازل في أميركا دفع القروض وزاد بذلك نسبة الفائدة والتي أصبحت مبالغ فيها بشكل لم يتضح حينها إلا بعد انهيار بورصة الأسهم الأمريكية، والتي معها انهارت أغلب اقتصاديات أوروبا وآسيا.
يطرح الفيلم قضية هامة لطالما وجدت تجاهل كبير من هوليوود والتي لا تقدم الكثير من النقد تجاه قوة ونفوذ وسلطة الشركات الكبرى في الولايات المتحدة على صناعة القرار، ربما لأن شركات هوليود من ضمن الآلة المالية الضخمة في أمريكا والتي يراها الكثير من الأمريكان والعالم السبب الرئيسي لعدد كبير من المراحل السلبية التي مر فيها الاقتصاد العالمي.
الفيلم يجعلنا ننظر بشكل مريب للطريقة التي تتعامل فيها البنوك الأمريكية مع المواطنين والتي يتم من خلال تمرير تلاعبات، وأحياناً تظليل من أجل الحصول على أسرع طريقة للكسب وسط نظام التجارة الحرة والنيوليبرالية، التي تهدف لرأسمالية حرة بعيدة عن سلطة الدولة، والتي بسببها لا تملك الحكومة الفيدرالية الكثير من القرارات والتعليمات والأنظمة تجاه الشركات الكبرى والبنوك، بل على العكس تملك تلك الشركات والبنوك الكثير من السلطة على الدولة لدرجة أن الدولة تساعد بعض البنوك في حالة انهيارها بدافع الانحدار قد يسبب في انهيار الاقتصاد، والمساعدة تأتي من دافعي الضرائب الأمريكيون، والذي يدفعون من جيبهم من أجل مساعدة البنوك والتي لا تدفع بالمقابل في حالة إنقاذها أو على الأقل في حالة تحقيقها مكاسب وربح عالي، وقدم الفيلم نفسه كواحد من أكثر الأفلام الاجتماعية أهمية هذا العام.
ويجد الفيلم نفسه في فرصة كبيرة لنيل الأوسكار في منافسة شديدة مع الفيلم الآخر «The Revenant»، بالإضافة لكونه أكثر الأفلام المرشحة للأوسكار نيلاً لتقييمات عالية من نقاد موقع الطماطم الفاسدة، فيما أجد أن الفيلم أفضل أفلام العام من ناحية الأداءات التمثيلية المذهلة من جميع طاقم الفيلم والتي امتزجت بين الجدية والسخرية الكوميدية.