كاتب الشمري ">
لعل من البديهيات المسلم بها هو متانة العلاقة التي تربط بين المملكة ودولة الكويت الشقيقة، فالعلاقة بين الدولتين تميزت بمميزات استثنائية لم تشهدها أي دولتين أخريين، فلا يكاد يذكر تاريخ المملكة الحديث إلا وذكرت الكويت، فالتاريخ يروي لنا أن الملك المؤسس/ عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود حينما قدم لهذه البلاد موحداً كان قدومه من الكويت مع فرسانه، وكانت هذه نقطة التحول الكبيرة في الجزيرة العربية، ومن هذه النقطة تغير مجرى التاريخ عليها، وتوحدت البلاد بفضل الله ثم بجهود الملك المؤسس طيب الله ثراه.
وظلت العلاقة بين البلدين متميزة وعلى قدرٍ عالٍ من المحبة والوئام، وحتى هذه اللحظة لم يشهد التاريخ علاقة بين بلدين شقيقين أو صديقين كالعلاقة التي تربط بين المملكة والكويت، ومن المفيد هنا أن نذكر أن العلاقة الجيدة بين الحكومات تولد علاقة قوية بين شعبيها، فالعلاقة بين الحكومات والشعوب علاقة طردية، فإذا كانت الدولة ترتبط بالدولة الأخرى بعلاقة قوية نشأت علاقة قوية ومحبة بين الشعبين والعكس صحيح.
وحينما تعرضت الكويت للغزو العراقي في أوائل التسعينات في القرن الماضي وتحديداً في الثاني من أغسطس عام 1990م كانت المملكة هي السباقة في احتضان الإخوة من الكويت، والسباقة كذلك في العمل على رد العدوان الغاشم، والسباقة كذلك في جميع التحالف الدولي ضد العدو الغاشم آنذاك لأجل تحرير الكويت، حتى تم تحريرها بالفعل بعد بضعة أشهر من الغزو العراقي.
وتمر الأيام وتزداد العلاقة قوة وصلابة، وتثبت المواقف أن المملكة ودولة الكويت يرتبطان بعلاقة شامخة الأركان، ثابتة ثبوت الزمان والمكان، قوية كقوة البنيان، ولعل المواقف الفردية التي شهدناها مؤخراً تجعلنا نقف بكل احترام وتقدير لدولة الكويت وحكومتها وشعبها، وذلك لما بدر من مواطنيها من دفاع مستميت عن المملكة في وجه الصلت والتعنت الإيراني الفارسي الذي لا يريد سوى إيصال رسالة للعالم أن المملكة دولة تدعم الإرهاب، معطياً هذا النظام نفسه الحق في التدخل في شؤون الدول العربية دون وجود ما يبرر هذا التدخل الذي لا يمكن أن يسمى إلا التدخل الهمجي السافر.
ومن الجدير هنا أن نلفت إلى موقفين من المواقف التي لا تنسى، وتستحق أن تكتب بماء الذهب، وأن يشكر أصحابها، وهي كلمة حق نقولها، بأنهم وقفوا موقفاً يستحقون عليه الشكر والتقدير والثناء، فالأول ما سطره المحامي الكويتي/ الحميدي بن بدر السبيعي أثناء اجتماع المحامين العرب في تونس، فحينما قدم أمين عام هذا الاتحاد تقريره للأمانة العامة تضمن ذلك التقرير العديد من الألفاظ السيئة ضد المملكة، وسياستها، فما كان من المحامي الحميدي إلا أن تصدى لهذه الكلمات وأظهر للجميع دور المملكة ودافع عنها، وجعل الجميع يسكتون وكأن على رؤوسهم الطير، وتم بالفعل تعديل البيان الختامي، ولم يتضمن البيان العبارات المسيئة التي وإن لم تكتب فقد ظهرت وانتشرت وعرف الناس بها. أما الموقف الثاني فهو ما قام به رئيس مجلس الأمة الكويتي السيد مرزوق الغانم في الاجتماع الذي جمع البرلمانيين في بغداد أخيراً، فقام مندوب إيران وتكلم عن المملكة وحاول الإساءة، فقام على الفور رئيس مجلس الأمة الكويتي ودافع عن المملكة، وعلم المندوب الإيراني معنى الاحترام، ومكانة المملكة في قلوب العرب عموماً وأبناء الخليج خصوصاً، ومن المصادفة الغريبة أن هذين الموقفين حدثا في وقت متقارب لا يتجاوز أياماً قليلة.
قد يظن البعض أن هذه المواقف فردية، ولا يمكن أن تؤثر في سمعة المملكة، خصوصاً وأن الجميع يعلم حقيقة العداء الذي يظهره النظام الإيراني للمملكة، إلا أن من يدرك كنه الأمور، وجوهر الأحداث، فإن هذه المواقف كبيرة وفاعلة، فهي توصل رسالة لكل من تسول له نفسه المساس بسمعة المملكة وأمنها واستقرارها، إن من لا يسكت عن المواقف الفردية لا يمكن كذلك أن يسكت عن المواقف الرسمية أياً كانت صورتها.
كما أنها رسالة لإيران ومن يدخل ضمن غطائها، أو ينهج نهجها، أو يفكر في أنها أولى به من غيرها لأجل سببٍ من الأسباب أن المملكة محفوظة بحفظ الله ورعايته، وأنها ستظل على الدوام قبلة المسلمين في دينهم ودنياهم، وأنها محفوظة ومنصورة بإذن الله تعالى وبفضل قيادتها الحكيمة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- وولي عهده وولي ولي عهده -حفظهم الله- وبجهود رجال أمنها، ومواطنيها وكل العرب المقيمين فيها، الذين عشقوها وأحبوها ومستعدون للدفاع عنها في أي لحظة من لحظات حياتهم.