رشيد عبد الرحمن الرشيد ">
الجغرافيا السياسية ترسم الحدود بين الدول المتجاورة وتدوّن من خلالها المعاهدات والاتفاقيات وتبرم المواثيق وتصبح هناك علاقة الاحترام المتبادل وضبط الحدود بين الجارين.. ناهيك أن يكونوا أشقاء تجمعهم لغة ومصير وديانة وأمة واحدة.
الجار العزيز اليمن السعيد كان ولا يزال ملء السمع والبصر لنا وهبناه الخير والنماء في عقود ماضية بلا منّة... شعبه وأهله إخوتنا لكن الكمال لله تعالى.. فهناك طائفة من نسيجهم الاجتماعي شقوا عصا الطاعة.. لم يعجبهم التقارب السعودي اليمني.. بل حاولوا إزعاج جارهم ومن أحسن إليهم!!! وهذا ليس بغريب لأن ولاءهم إلى دولة أخرى ليست من دول الجوار، بل خارج المنظومة العربية وهي إيران، وأصبحوا يتلقون التوجيهات والدعم من ذلك النظام الفارسي... والذي كان يصنع فروع جديدة تمثّله بالوكالة.
إن تلك الطائفة (الحوثية) كانت تنمو على شكل دولة داخل دولة وتجد الدعم من حليفها فارس بالمال والعتاد حتى قويت شوكتها وأصبحت تأمر وتنهى وتنصب وتعزل وتملي الشروط التي تريد وتتجه إلى صناعة يمن جديد بمواصفاتها ومقاييسها وبدأ شرها يستطير وخطرها يقترب من الجار الشمالي وتحاول العبث بالحدود وزيادة الجراح ونشر الإرهاب داخل حدودها وخارجها.
إنها فئة تمردت على أهلها وعشيرتها وقويت شوكتها عندما اقتربت من رئيس اليمن السابق وتحالفت معه على إخضاع مدن اليمن بقوة السلاح وصناعة عدو جديد (مع الأسف) هو المملكة العربية السعودية.. ولا أعرف هل زهايمر السياسة بدأت لدى صالح ونسي (المخلوع) أن هذه الأرض الطيّبة هي التي استقبلته وكانت له العزوة والملاذ بعد الله.. ورياضها هي من عالجته وقدمت له الشفاء والدواء بعد تفجير أوشك أن يودي بحياته وأحرق جسمه وبدّل شكله..؟! لكنه قابل الإحسان بالإساءة وكأن الشاعر قصده في قوله:
إذا أكرمت الكريم ملكته
وإن أكرمت اللئيم تمردا
الملك سلمان كان حليماً وحكيماً أعطى كل الفرص الدبلوماسية محاولاً احتواء الأزمة اليمنية وتغليب صوت العقل.... ولما رأى الطرق مسدودة والآذان غير صاغية أطلق (عاصفة الحزم) المدوّية بالتحالف مع الدول الشقيقة جوية وبحرية وبرية.....هنا المنية أنشبت أظفارها وتكلمت لغة القوة الشرعية.
أما الحد الجنوبي بوابتنا مع الجارة اليمن فقد كان ولا يزال مسرحاً للعمليات الحربية وعمليات الكر والفر.. عبث حوثي للنيل من شرايين وأوردة هذا الحد الغالي.. لكنهم قابلوا أسوداً كاسرة لا تهاب الموت والذود عن هذا التراب.. سجّلوا إنجازات عسكرية في ساحة الوغى... أبناء سلمان كانوا حاضرين بأرواحهم وأنفسهم.. عرفوا أن معركة الكرامة وقودها المال والرجال فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر لكن ثمن ذلك كانت هذه الانتصارات المتتالية.
إن الحد الجنوبي كما هي الحدود الأخرى خط أحمر كتب عليه ممنوع الاقتراب.. وجنودنا البواسل ليسوا في البر وحسب لكنهم يرسمون النصر في الجو... صقور عرفت كيف تقتنص فريستها ناهيك عن قوة البحر الضاربة..... كل ذلك بمشاركة إخوة أشقاء بذلوا الغالي والنفيس.
وفي تضاريس الحد الجنوبي رسمت صور ملاحم حماة الوطن وهناك الأبطال يكتبون الشهادة ويسطرون ملاحم الشرف والعزة بهذه الانتصارات..