الجوهرة العنزي ">
وامعتصماه.. ومن لا يعرف تلك الحادثة الشهيرة التي حدثت في زمن الخليفة العباسي (المعتصم بالله)، وقد تعددت الروايات لهذه القصة الشهيرة وأذكر منها:
(عمورية) تلك المدينة الجميلة تقع تحت الحكم العباسي على الحدود مع دولة الروم البيزنطينية، وطالما حلمت هذه الدولة بعمورية فقامت بالاستيلاء عليها وسبوا نساءها، وكان من بينهن امرأة غاية في الجمال أسرها الروم وأراد أحدهم الاعتداء عليها، فما كان منها إلا أن صرخت (وامعتصماه).
فوصلت تلك الاستغاثة آذان المعتصم بالله فهبَ لنجدتها بأن جهز جيشاً استعاد به عمورية وفك أسر الفتاة ولبى نداءها وأخذ بثأرها وجعل ذلك الرومي خادماً لها.
ويعود الزمان وتتكرر الأحداث ولكن في بلاد المسلمين ومن يد أبناء المسلمين، بالأمس سمعنا قصة فتاة جدة وتداول الناس مقاطع الاعتداء عليها وضربها من رجل أمام العامة في سوق البلد ولم يتحرك أحد أو يسعى لنجدتها ومساعدتها.
واليوم تتكرر القصة لفتاة النخيل مول والاعتداء عليها وضربها في الشارع.. وكم وكم من القصص التي لم نعرف عنها.
لكن أتساءل هل نحن في زمن ماتت الغيرة على نسائنا حتى يعتدى عليهن في الشوارع والأسواق؟ هل ماتت النخوة في قلوب أبناء المسلمين؟
أأصبحت الفزعة بينهم مجرد تصوير الحادثة ونشرها ثم ننتظر ماذا سيُفعل بالجاني؟.
أياً كانت صفته للمرأة لمن يقول إنه أحد أفراد عائلتها، وأياً كان خطأ المرأة لمن يقول إنها مخطئة لذا عوقبت على فعلتها -سواء فتاة النخيل مول أو غيرها من المواقف- لا يحق له بأي صفة أو حال الإعتداء عليها وضربها في الشارع ويهينها ويلقيها أرضاً كالبهيمة
جهاز الهيئة من أهم الأجهزة في البلاد وبه تتحقق طاعته سبحانه حيث يقول: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} آل عمران 104
وكذلك الأجهزة الأمنية المتمثلة في الشرطة والمرور، لا يقل وجودها أهمية عن الهيئة فهي مرتبطة بها.
فلابد من سلطة في البلاد تكون مُعدة ومدربة ومؤهلة تأهيلاً كافياً على أُسس دينية وأمنية وعلمية سليمة حتى تتحقق الفائدة ويكون لها سطوتها وهيبتها.
على الأقل حين تموت الغيرة في قلوب رجال المسلمين نجد الدفاع عن المرأة كواجب وعمل رجال الهيئة ورجال الأمن المدربين والمُعدين لهذا العمل.
أذكر عندما كنت صغيرة وأذهب للسوق مع والدتي كنت أرى (المطوع) يجوب الأسواق والشوارع مع طاقم العسكر، وكان يُنكر على من تساهلت بالحجاب - مع أن مخالفات ذلك الوقت لا تُقارن بما يحصل اليوم - لكنها لا تستطيع أن ترد بحرف لما لهم من هيبة وسلطة، وكذلك الأمر في مخالفات الرجال.
أما اليوم لم يعد للهيئة أي هيبة وذلك لسوء تصرف بعض المنتمين إليها وعدم تدريبهم التدريب الكافي وعدم التحري والتدقيق في الأحداث وسرعة الحكم عليها مما أفقدها هيبتها.
أفلا أعيد النظر في الهيئة وإعادة هيبتها وسلطتها وسطوتها؟!
العاصفة في الجنوب والرعد في الشمال، وكل ذلك دفاعاً عن البلاد والعباد وعن أعراضهم ودمائهم وأموالهم.
أنحمي البلاد من الخارج ونساؤنا تُهان في الداخل؟ ويعتدى عليهن ولا يجدن بينهن رجل يدفع عنهن الضرر إذا ما صادف حضوره مثل هذه المشاهد؟؟
ألا تُبتر يد كل معتد على الأعراض والأموال ليكون عبرةً لغيره؟! ففي حديثه صلى الله عليه وسلم مرفوعاً عن عمرو بن الأحوص يقول: {إن دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ}.
نحتاج وقفة حانية تحفظ كرامة نساء بلدنا وأعراضهن وأنفسهن من التعدي عليها من قِبل فاقدي الدين والرجولة والإنسانية.
أنا امرأة وبي من الغيرة على نساء المسلمين وحفظ كرامتهن لذا جرت كلماتي اليوم بهذا الشأن، ومثلي الكثير نطالب بعقاب من يعتدي على المرأة عقاباً صارماً ورادعاً لغيرة حتى لا تتكرر مثل هذه الصور المؤلمة يوماً من الأيام.
فمما رواه أحمد قوله صلى الله عليه وسلم (إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم).
وليكن أمامنا آخر كلامه صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع (واستوصوا بالنِّساءِ خيرًا، فإنَّهنَّ عندَكم عَوانٍ لا يملِكنَ لأنفسِهنَّ شيئًا) رواه الترمذي.