د. جمال عبدالحي التميمي ">
يقصد بمصطلح «الإعلام الأمني» بأنه إعلام متخصص وأحد وحدات النظام الاجتماعي، ويضطلع بمسؤولية مكافحة أي مفاهيم وأفكار وقيم تهدد الأمن والأمن الاجتماعي. وهو مزيج من مفاهيم تكنولوجيا الاتصال والإعلام وعلم النفس وعلم الاجتماع والدين والثقافة والأمن، واستخدامها كمصدر للمعلومات الأمنية والاجتماعية والثقافية، ووسيلة للتعبير عن القيم والسلوكيات في المجتمع وتكوين المواقف والاتجاهات، ونقل الأحداث والقضايا الأمنية والاجتماعية ومتابعة تطوراتها وانعكاساتها على المجتمع والأفراد.
الجدير ذكره أن مصطلح «الإعلام الأمني» ليس مصطلحاً مترجماً أو مستورداً من الغرب، ولكن الحقيقة التي يجب أن يذكرها المختصون والتاريخ أن هذا المصطلح ولد في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وأول من استخدمه هو الأستاذ الدكتور علي الجحني - الذي يمكن أن يطلق عليه رائد الإعلام الأمني- في بداية الثمانينات من القرن المنصرم. كما وجد تخصص الإعلام الأمني العناية والرعاية والتشجيع من قبل جامعة نايف- الذراع العلمي لمجلس وزراء الداخلية العرب- في مجال التأصيل المعرفي والأكاديمي من خلال البحوث والدراسات والنشر والمطبوعات وافتتاح تخصصات على مستوى الماجستير والدكتوراه. ولا يفوتني هنا التنويه إلى التشجيع الدائم والتوجيهات التي أصدرها معالى رئيس الجامعة الدكتور جمعان بن رشيد بن رقوش بضرورة الاهتمام بهذا التخصص وتطوير الاستديوهات الإذاعية والتلفازية والمختبرات الصحفية في الجامعة ليتناسب مع حجم التطور الهائل في دور الإعلام الأمني وأساليب صياغة مضمون وشكل الرسالة الإعلامية الأمنية.
لكن علينا أن ندرك أن الإعلام الأمني يواجه عدداً من المعوقات تحول بينه وبين أداء دوره في المجتمع. ومن هذه المعوقات غياب الإستراتيجية العلمية الواضحة، وغياب مقومات التأهيل والتدريب والإنتاج المهني ونقصد عدم العناية المرجوة بتدريب وتأهيل الإعلاميين الأمنيين في المجالات المختلفة وخصوصاً في مجال الاتصال والإنتاج الإعلامي الأمني. بالإضافة إلى أن جهود الإعلام الأمني- كما أشارت الدراسات السابقة- تنصب على الردود القليلة في بعض الجرائد أو حضور محدود لبعض المسؤولين في وسائل الإعلام أو نشر بعض المقالات في بعض المجلات التي لا تستهدف السواد الأعظم من الجمهور في المجتمع. فهل هذا هو الدور المناط بالإعلام الأمني؟ وهل هذا هو الجهد المأمول منه؟ الإجابة بكل تأكيد هي (كلا)، فالإعلام الأمني لا يقتصر دوره على الدفاع والردود المحدودة، وإنما يعتبر دوره أكبر من ذلك بكثير فهو المرآة العاكسة التي يرى ويستقبل من خلالها الأفراد في المجتمع الأحداث والتطورات والتغيّرات والمعلومات الاجتماعية والأمنية.
باتت الحاجة لتطوير أداء الإعلام الأمني ضرورة ملحة، ليتواكب مع ازدياد معدلات الجريمة والعنف، وتطور أساليب العصابات المنظمة والإرهاب في استخدام تكنولوجيا الاتصال والإعلام وتوظيفها في مجال الجريمة والإرهاب. ولتطوير أداء الإعلام الأمني، نحتاج بداية إلى الإجابة علي التساؤلات التالية: ما العمل؟ ما هي الوسائل والأدوات؟ وأول خطوة في طريق تطوير الأداء هي إدراك الخلل الذي يوجد، وتحليل وتصنيف الأساليب والممارسات القديمة التي تحتاج إلى تطوير أو تحديث. ومن ثم البدء في عملية التطوير بناءً على خطط ومنهجية علمية محددة الأهداف وواضحة المعالم. كما يحتاج تطوير أداء الإعلام الأمني إلى جهود هادفة ومنظمة لتخطيط وتنظيم وتوجيه أدائه، ووضع معايير ومقاييس واضحة ومقبولة، والتأكد من أن الجهود التي يبذلها العاملون والنتائج التي يحققونها تحقق أهداف المؤسسة الأمنية الإعلامية. فإدارة أداء الإعلام الأمني تمثّل نظاماً فلسفياً منظماً لا يعترف بالعشوائية، ويتكون من مدخلات بشرية وتقنية ومادية تمثّل الموارد التي تستخدم في تحقيق الأداء، ومجموعة من العمليات والعناصر المتفاعلة فيما بينها من أجل الوصول إلى المخرجات في إطار تكاملي بين المدخلات والعمليات والمخرجات كنظام، والبيئة الخارجية المحيطة بالإضافة إلى العنصر المهم وهو التغذية الراجعة.
أستاذ الاتصال والإعلام - جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية