سعيد بن ناصر ابن نوره الحرقي ">
تشوفون اللي بوسط حضنه؟
هذي معاملات المواطنين وطلباتهم يقرأها بنفسه تشوفون سماعة التلفون تدرون من قاعد يكلم؟
يكلم الموظف اللي معاملة المواطن متأخرة عنده. ورغم أن الموظف مرتبة صغيرة وبإمكانه أن يكلم رئيسه المباشر ولكن عشان يفهم منه سبب التأخير كيلا يظلمه ولا يظلم المواطن.
لكم أن تتخيلوا رجلاً بقامته وأميراً لأهم منطقة ومن أهم أفراد الأسرة الحاكمة ومع ذلك يكون في الصباح الباكر في مكتبه وهو الوحيد بين المسئولين الذي له جلستان، استقبال للمواطنين في وقت بعض المسئولين لا يستقبل المواطنين أصلاً بالرغم من أنه لم يوضع مكانه إلا لخدمة المواطن والوطن.
في مرة من المرات كان لي معاملة وذهبت إلى الإمارة وقلت أكيد لازم مواعيد أو بالأحرى لا يدخل إلا من يملك (فيتامين واو) وعندما دخلت وطلعت للدور الرابع مكان المجلس كان برفقتي بالمصعد مقيم من الجنسية الهندية فلم أستطع تحمل الفضول لدي فبادرته بالسؤال (وش عندك؟) كنت أتوقع أنه عامل خدمات فقل لي بالعربية المكسرة (أنا أبغى أشوف أمير في مشكلة مع كفيل أنا) قلت بتعجب الأمير سلمان !!! قال أيوه إيش مشكلة كم مرة أنا أدخل على طول!!! وفعلا ما انفتح المصعد إلا ورجل الأمن أمامنا وقل تريدون مجلس الأمير؟ فقلت نعم ودخلت أنا والأخ الهندي وأول ما وقعت عليه عيني هذا المشهد الذي ترونه بالصورة في وسط المجلس وكانت الأوراق بيده والقلم يشرح ويوجه على المعاملات وكان بجانبه موظفون مهمتهم أن يرافقوا المواطن الذي معاملته مهمة أو عاجلة إلى صاحب الاختصاص.
ومما لفت انتباهي انه- حفظه الله- يملك ذاكرة قوية وأرشيفاً من المعلومات عن القبائل والأسر والمناطق والقرى حيث لا تكاد تمر عليه معاملة بالذات للسعوديين إلا ما يعلق أو يعرف أحدا من جماعة صاحب المعاملة أو قبيلته أو أسرته أو قريته ويسأله عنهم وعن أحوالهم.
فعلى سبيل المثال عندما وصلت معاملتي قال لي بالحرف الواحد وبلهجته (وش يقرب لك الحرقي اللي عند مشعل) في إشارة لجدي الذي كان يعمل مرافقاً للأمير مشعل بن عبدالعزيز فقلت له جدي طال عمرك.
ومن هنا أود أن أقول: إن هذا الرجل العظيم وحزمه وعزمه ونخوته وفزعته ليست وليدة اللحظة بل كانت من صفاته وطبيعته فهو مثال للمسئول الناجح ورمز للكفاح ورجل عمل دؤوب ومتقن صاغ قصة ازدهار الرياض بكل جدية وإخلاص وتفان في حب عمله فأحبه فريقه وموظفوه، وكل من عمل معه، رمز للوفاء مع إخوانه، وكل من يعرفه. عندما تولى مقاليد الحكم وبالرغم من كثرة انشغاله وارتباطاته كان بين كل فترة وأخرى يزور أحد معارفه أو زملائه في العمل السابقين في منازلهم أو في المستشفيات ليضرب أروع الأمثلة في الوفاء ولكن لا غرابة فهذه صفات المؤمن التقي وهذا سلمان بن عبدالعزيز.