عبد الله سعود العصيمي ">
كثر الحديث في الآونة الأخيرة، عن الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله رحمة واسعة وكذلك الحديث عن (الوهابية) وأصبح هذا المصطلح ملاصقاً له وللدولة السعودية قديماً وحديثاً وكأنه اتهام لها.
والحقيقة إن مصطلح وهابية أطلقه أعداء الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأسباب سوف أذكرها بدون لت أو عجن لتعلموا قصة هذا الاتهام وهي قصة بسيطة غفل عنها الصديق قبل العدو.
فمنطقتا نجد والأحساء وكثير من المناطق قبل ظهور الدولة السعودية الأولى وتحالفها مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كانت مسرحاً لأعمال شركية وبدع مثل دعاء الأموات واعتقاد النفع والضرر وكذلك التبرك بالقبور والتمسح بها والطواف حولها والكثير من المعتقدات الباطلة التي أغلبها شرك بدون شك وبعضها يقود إلى الشرك بالله.
وفي هذه المناطق كان هناك الكثير من علماء السوء والجهلة من مختلف الطوائف من بعض البلدان العربية والإسلامية، واستغلوا الجهل المتفشي بين الناس وبعدهم عن الدين في ذلك الوقت.. اللهم قلة من الناس، فأسس أولئك الجهلة وعلماء السوء حلقات تدريس ولم يكن همهم سوى جمع المال، فانتشرت عبادة القبور والأضرحة والطواف حول الأشجار والتبرك بها.
وهذا مما حدا بالشيخ محمد بن عبد الوهّاب رحمه الله بعد أن درس وتتلمذ على كبار العلماء في مكة المكرمة والمدينة المنورة ونور الله بصيرته، أن يدعو إلى نبذ هذه الشركيات والعودة إلى دين الحنيفية وما كان عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح.
وهذا لم يعجب علماء السوء وأهل المعتقدات الباطلة ووقفوا ضد دعوته وكالوا له التهم وحاولوا قتله وحاربوه ولكن بفضل من الله ثم بفضل تحالفه مع الأمير محمد بن سعود رحمه الله رحمة واسعة مؤسس الدولة السعودية الأولى، تمكن من طردهم وإجلائهم لبلدانهم.
عملية الطرد هذه أوغرت صدور أولئك، فنشروا الأكاذيب عن دعوة الشيخ محمد والإشاعات وعن الدولة السعودية الأولى وأنها وهابية مع أن دورها كان بسط الأمن وتوحيد البلاد وإعادة الناس إلى توحيد الله والعلم الشرعي وتطهير البلاد من علماء السوء والجهلة وعبدة المال.
تلك الإشاعات تلقفها الكثير من الناس في البلدان المجاورة التي تم إجلاء ناشري الشركيات إليها، فانتشرت انتشار النار في الهشيم عن جهل ودون تحري الأسباب.
واليكم قصة طريفة عن مدى تغلغل تلك الأكاذيب في أذهان البعض من الناس مع أنهم يوحدون الله.
يقول أحد طلاب العلم من دولة باكستان وكانت لديه منحة للدراسة في جامعة سعودية يقول: بعد تخرجي أخذت معي كتاب الشيخ محمد عبد الوهاب (كتاب التوحيد) عندما عدت إلى بلدي وكنت في السابق أحضر دروساً لأحد العلماء الموحدين وكنت مطلعاً على مدى كرهه للشيخ محمد بن عبد الوهاب، بسبب ما نشر عنه من أكاذيب، وكان يهدد كل من يتحدث عنه بالطرد من الدرس ولذا قمت بنزع الغلاف عن الكتاب وذهبت إليه وقدمته له وبعد أن قرأه قال: كتاب عظيم يستحق أن يطلع عليه الجميع فقلت له: إنه أهم مؤلفات الشيخ محمد ولم يصدق حتى أريته الغلاف الذي نزعته من الكتاب فذهل العالم وتغيرت نظرته عن الشيخ.
إن سطوة أولئك الجهلة من علماء السوء الذين تم طردهم ونفيهم بسبب الشركيات التي كانوا يدعون لها جعلت الناس تصدق كل ما قيل عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعن الدولة السعودية حتى هذا الوقت فما زالوا يكيلون لها التهم الباطلة مع أنه لا يخفى على أحد ماذا سيحصل للجزيرة العربية لو لم تقم هذه الدولة التي أعزها الله بالإسلام والتوحيد وأعزت دين الله، بما قامت به من جهود كبيرة لنشر العقيدة الصحيحة وبسط الأمن وتوحيد القبائل التي كانت تتقاتل وتتناحر في ذلك وقد ابتعدت عن الدين الإسلامي أيما ابتعاد.
فجزا الله مؤسسيها عنا خير الجزاء وأسكنهم فسيح جناته ووفق ولاة أمر هذه البلاد.
- الرياض