تداولية التواصل.. وفلسفة التغريد ">
(1)
في تويتر أموات يخرجون من الأجداث سراعًا..
يشجبون.. يجربون أصواتها بالعواء, ثم يموتون من جديد؛ ليولدوا بمعرفات أخرى: تشجب, وتعوي, ثم تموت!
(2)
في تويتر:
كُلٌّ يعمل على شاكلته!
لذا معظم الأصوات هناك مزعجة..
متنافرة..
وتخفي وراءها الكثير من الأفكار, والنوايا!
(3)
شكرًا لهذه الفضاءات، التي جعلتنا نتعرف على المجتمعات أكثر من خلال صور, ورموز.
شكرًا لها؛ لأنّها استطاعت أن تقدم لنا العالم في لمحات كاشفة.
علمتنا كيف أننا ربما نكون بلا أقنعة في هذا العالم التقني.
وأننا هنا ربما نكون أكثر صدقًا من هناك؛ لذا وقع البعض ضحايا صدقهم الذي غيبه التكلف طويلًا تحت مظلة الزيف.
(4)
«خلوني أمر العابرة دون عنوان
طيفـ(ن) يمر بلا رقابة وحارس»
أكاد أجزم بأن عابرة سبيل - رحمها الله - نسجت هذا البيت من حاجة ملحة تعانيها, بل يعانيها الكاتب في عصر التقنية.
غالبًا في هذه الفضاءات المتعددة من عوالم الكتابة الدخول لمشاركة العامة, لا الخواص كمتنفس ترى ما تقدمه في ردود فعل العابرين.
كعازف موسيقى على قارعة الطريق، يشاركه المارة المتعة دون أن يعلقوا به، أو يعلق بهم.
يجلسون، أو يتوقفون, وهو يعزف, ويتفحص الرضا في وجوههم.
حتى إذا ما توقف انفضّوا من حوله, يحملون له ذاكرة خضراء قد تبقى, أو تزول مع الأيام.
الهاربون الذين لا يجيدون لبس الأقنعة لا يريدون منّا أن نستوقفهم لنسألهم: من أنتم؟
هم لا يريدون منا إلا تلويحة سلام, وحفظاً للمكان الذي يرسلون منه جمالهم؛ لنعتاد ارتياده كلّما احتجنا له.
(5)
المعجبون بقلمك وفكرك لن يظلوا متسمرين على حائطك، لتكتفي فقط بتأملهم.
هم أصحاب فكر وقلم أيضاً.
وكما رفعوا من شأن قلمك بوجودهم عليك أن تفعل.
وإلا سترى الأيام كيف تبحر بهم إلى سواحل أكثر رحابة من ساحلك؛ وتصبح وحيدًا على حوائط مهجورة!
(6)
أدرك للمرة المليون صدق مقولة: (الفلاسفة عشّاق)
فالبعض عندما نقرأ لهم يجبروننا بجلالة ما يكتبون أن نخلع أحذية قلوبنا ونحن مقبلون عليهم!
نختار لنا مكانًا يقابلهم مباشرة؛ لنمرّن قلوبنا على كلّ هذا الصدق الذي تسكبه حروفهم!
تمامًا كما نفعل أمام مدربي (اليوغا)
يختارون هم الإيماءات, ونكتفي نحن بتقليدهم.
ثم نخرج من عندهم, وقد تدربنا على راحة الفكر والوجدان معًا.
هدايا حروفهم الصادقة لا نتلقفها بشكل رتيب.
بل نستقبلها كفرحة الأطفال بهدايا (بابا نويل) عندما يستيقظون, فيفتحوا الأبواب والشرفات, ويتلقفوها بفرح غير عابئين بمسافة الطريق التي قطعها هو وهو قادم لهم.
عيب هؤلاء الفلاسفة أنهم ربما يُعَوّدون قلوبنا على الكسل إذا عودونا على سكب صدقهم, وبتنا نستيقظ فنلبسه, كما نلبس ثيابنا الجاهزة.
هؤلاء احترقوا حتى يوقدوا هذه الشمعات من وجدانهم؛ لذا ولأنّ كلّ من سيعبر من خلال حروفهم ناضجون غالبًا لن ينسوا المسافة التي قطعتها عقولهم كما يفعل الأطفال مع مسافات (بابا نويل).
سيُقدّرون لهذا القلب ولهذا الفكر وقفته؛ لأنّه يتحدث عنهم, كما يتحدث الطالب المفوه عن حقوق زملائه الصامتين.
سيحملون فكرهم على الأكتاف, ويهتفون:
اللهم اهدِ قلوبهم للفرح!
(7)
الحياة أصبحت مليئة بالاستفزاز!
لاسيما على مواقع التواصل!
فمعظم الذين هناك لهم أعداء من لا شيء أحياناً!
المتدين, المثقف, العاقل, السفيه, الذي في حاله, والذي ليس في حاله!
السؤال لهؤلاء المستعدين للعداء والمعاداة:
كم هي المسافة بينكم وبين الله؟
بينكم وبين قلوبكم؟
بينكم وبين الراحة؟
(8)
من أكبر نعم الله علينا في مواقع التواصل هذه الصداقات التي تستحق أن نباهي بها.
أقلام عميقة لمفكرين ومفكرات، أدباء, وأديبات، لا نملك ونحن نعبر حوائطهم على عجل إلا أن نذكر اسم الله تعظيمًا!
هذه الأقلام التي استطاعت أن تعيدنا إلى زمن الدهشة الحقيقية, والتي لم تسع للظهور عبر قنوات الإعلام، شيء يستحق الفخر حقًا.
تسجيل خروج:
إلى الضعفاء المقلدين في مواقع التواصل:
من الحكمة ألا تحملوا مكبرات الصوت وأنتم تمرون بالمعرفات الانتحارية!
فأن تموت بجهلك أرحم بكثير من أن تعلق بذاكرة معتوه أحمق!
- زكية العتيبي